تقارير وتحليلات

نشر في : 30-08-2024

حدثت في : 2024-08-30 23:50:04

بتوقيت ابوظبي

آلاء عمارة

ربما يُسهم تغيير البشر لنظام غذائهم في خفض انبعاثات غازات الدفيئة؛ فما القصة؟

ليس الإنسان فقط، بل تسعى جميع الكائنات الحية بحثًا عن الغذاء من أجل البقاء على قيد الحياة، وغالبًا يحصل عليه إما عن طريق الزراعة وإما اللحوم وإما الصيد. في جميع الأحوال، تتسبب إجراءات الحصول على الغذاء مثل الزراعة أو تربية الماشية واستخدام السفن من أجل الصيد في انبعاثات هائلة من غازات الاحتباس الحراري، ما يعود سلبًا على صحة الأرض ويتسبّب في تفاقم ظاهرة الاحترار العالمي التي يعاني منها العالم اليوم. 

لذلك، يبحث العلماء دومًا عن حلول أكثر استدامة، ومن ضمن الحلول التي طرحتها دراسة حديثة منشورة في دورية "نيتشر كلايمت تشانغ" (Nature Climate Change) في 13 أغسطس/آب 2024، الانتقال نحو النظام الغذائي الصحي الكوكبي الذي اقترحته مؤسسة EAT-Lancet، وهو عبارة عن نظام غذائي مثالي لصحة الإنسان ولتحقيق الاستدامة البيئية، ويتسم بالمرونة، ويشجع على اتباع النظام الغذائي النباتي، ويتشكل النظام الغذائي الصحي الكوكبي غالبًا من نسبة كبيرة من الحبوب الكاملة، والفواكه، والخضراوات، والبقوليات، والمكسرات، وغيرها. هذا إضافة إلى نسب أقل من اللحوم ومنتجات الألبان. 

تفاوتات!

على سبيل المثال، مرض النقرس، كان يُسمى "داء الملوك"؛ فقد كان من الشائع أنه يُصيب البشر في العصور السابقة بسبب كثرة تناول اللحوم، التي يستهلكها بكثرة الملوك والأغنياء مقارنة بمتوسطي الدخل أو الفقراء. والحقيقة أنّ إنتاج اللحوم يتسبب في انبعاثات غازات الدفيئة، لعل أبرزها غاز الميثان، الذي يُعد من أقوى غازات الدفيئة، تُعادل قوته في الاحترار غاز ثاني أكسيد الكربون 80 مرة. على نفس المنوال، هناك تفاوتات واضحة بين استهلاك الدول ذات الدخل المرتفع والدول ذات الدخل المنخفض في استهلاك اللحوم أيضًا، بل في استهلاك كميات الطعام عامةً، هذا التفاوت من شأنه أن يخلق تفاوتات في كمية الانبعاثات الصادرة عن كل منهما، ما يعني أنّ الدول الأكثر استهلاكًا هي الأعلى في الانبعاثات. 

اتباع النظام الغذائي نفسه 

راح مؤلفو الدراسة يبحثون في مدى تأثير اتباع سكان العالم للنظام الغذائي الصحي الكوكبي. ووجدوا أنّ الفئة السكانية الأكثر استهلاكًا للحوم والغذاء تُمثل نحو 56.9% من سكان العالم، في حين الفئة الأقل استهلاكًا تُمثل 43.1%. 

وجد الباحثون أنه في حال التحول إلى النظام الغذائي الصحي الكوكبي، فستنخفض انبعاثات الفئة الأكثر استهلاكًا بنحو 32.4%. وفي المقابل، ستزداد انبعاثات غازات الدفيئة من فئة السكان الأقل استهلاكًا بنسبة 15.4%. بالتالي ينخفض إجمالي الانبعاثات الناتجة عن استهلاك الطعام بنسبة تُقدر بـ17%.

ولا يخلو الأمر من التحديات، فهناك نحو 1.5 مليار إنسان حول العالم لا يستطيع تحمل تكلفة النظام الغذائي الصحي الكوكبي، ما يعني أنّ تطبيق هذا النظام يحتاج إلى تآزر الدول مع بعضها؛ خاصة أنّ ذلك النظام صحي للبشر، وكذلك للكوكب.