تحقق

نشر في : 26-06-2024

حدثت في : 2024-06-28 15:16:53

بتوقيت ابوظبي

مصطفى شعبان

تغير المناخ ليس مجرد قضية بيئية؛ فهو يضاعف مخاطر الصراع ويشكل التحركات الكبرى للكتل البشرية وباقي الانواع المتعلقة بالهجرة.

وتؤكد بيانات الهجرة والدراسات المتعلقة بتأثير تغير المناخ على حركة سواء النزوح أو الهجرة الحاجة الملحة لواضعي السياسات لدمج التفكير بشأن تغير المناخ في تطوير إستراتيجيات لتعزيز القدرة على الصمود في المجتمعات الضعيفة.

وقد لا تكون جهود الحكومات والوكالات الدولية التي تضع خطط التخفيف والتكيف للتعامل مع تغير المناخ كافية في مواجهة مظاهر غضب الطبيعة إزاء النشاط البشري الضار المسبب لتغير المناخ والذي قد يظهر في موجات الجفاف والفيضانات والتصحر والطواهر المناخية الطارئة.

 

نزوح بسبب الفيضانات الكارثية في القرن الأفريقي

 

اتجاهات هجرة البشر

 

تقول كريستين ووكر باينيميلا، رئيسة لجنة (CEESP) وهي إحدى لجان الخبراء السبع التابعة للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، “لم يعد من الممكن لجهودنا في الحفاظ على البيئة أن توجد بمعزل عن السياق الأوسع للتغير العالمي، يؤدي تغير المناخ، وتدمير الموائل، وندرة الموارد إلى نزوح الأنواع البشرية وغير البشرية، مما يؤدي إلى تغيير نسيج النظم البيئية ذاته".

أيضا مع استمرار الصراعات، الكبيرة والصغيرة على حد سواء، تتعطل حياة الملايين، وتجبرهم في كثير من الأحيان على البحث عن ملجأ في أراض غير مألوفة.

تلك الحقائق أبرزها تقرير حديث للجنة السياسات البيئية والاقتصادية والاجتماعية (CEESP) التابعة للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة حمل عنوان “الكوكب في حالة تحرك” والذي جاء ليؤكد "الحاجة إلى تحول نموذجي في جهود الحفظ العالمية في مواجهة تزايد هجرة البشر والأنواع الأخرى التي يحتمل أن تغذيها بسبب تغير المناخ والتدهور البيئي والصراعات".

وتشير الاتجاهات الحالية إلى أن الهجرة الجماعية والمفاجئة يمكن أن تزيد الضغط على المناطق الساحلية وأحواض المياه والمراعي وغيرها من النظم البيئية الضعيفة والحيوية، ويزيد من ذلك أن طرق الحفظ التقليدية – مثل المناطق المحمية بشكل صارم أو الحفظ على أساس المناطق الحصرية – يمكن أن تؤدي في حد ذاتها إلى خطر زيادة الصراع وتهجير المجتمعات المحلية والشعوب الأصلية والأنواع.

وتعرب إيمي بوب، المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة، عن أملها في تعزيز الحوار العالمي حول كيفية خلق مستقبل أكثر استدامة وقدرة على التكيف مع المناخ، خاصة مع إدراك الواقع بأن أعداد الأشخاص الذين طردوا من ديارهم بسبب الحروب والكوارث الطبيعية وتغير المناخ أعلى من أي وقت مضى.

ووفقا لبيانات الأمم المتحدة والجهات الدولية المعنية بالهجرة فقد نزح ما لا يقل عن 117 مليون شخص في عام 2023 وحده.

وترجع الدكتورة ليوني أنسيمس دي فريس، أستاذة السياسة الدولية ورئيسة مجموعة أبحاث الهجرة في جامعة "كينغز كوليدج" في لندن، التهجير القسري يعني تهجير الناس من الأماكن التي يعيشون فيها عادةً إلى الصراعات والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان وكذلك الكوارث الطبيعية والتدهور البيئي أيضًا.

 

 

سيناريوهات الصمود

 

ترى دراسات الهجرة المراقبة لتحركات البشر الجماعية على الكوكب المرتبطة بتغير المناخ وتقارير الجهات المعنية في هذا الشأن أن طرق الصمود التقليدية لم تعد كافية حيث يحتاج الحفظ إلى التخطيط للظروف المستقبلية المحتملة، وليس فقط الظروف الحالية، من أجل الاستعداد للهجرات المرتبطة بالمناخ والتنمية والتغير الديموغرافي.

وهنا تنشأ الحاجة لإعادة صياغة عناصر ممارسة الحفظ لتشمل شبكة جديدة من الشراكات خارج مناطق التأثير التقليدية للصمود وعلى نطاقات تتجاوز تركيزها المعتاد، من أجل معالجة احتياجات الهجرة والاحتياجات الإنسانية والإنمائية دون المساس بالتنوع البيولوجي والطبيعة.

وقد يكون الإماج واستلهام التجربة الإنسانية للمهاجرين بسبب المناخ بوابة لإيجاد حلول الصمود والتبناء والتفاعل

فعلى سبيل المثال، تقود اليمنية إيمان الحملي مجموعة مكونة من 10 نساء، جميعهن من النازحات داخلياً، حيث يدرن شبكة صغيرة للطاقة الشمسية توفر طاقة نظيفة وبأسعار معقولة للأسر في مديرية عبس الواقعة في محافظة حجة شمال غرب اليمن.

إنها منطقة تأثرت بشدة بكل من الصراعات والظواهر المناخية القاسية، حيث تضررت سبل العيش التي تعتمد على الزراعة بشدة بسبب ندرة الأمطار على نحو متزايد.

 

إيمان الحملي تقف بجوار شبكة الطاقة الشمسية الصغيرة التي تديرها مع 10 نساء نازحات أخريات في مديرية عبس في اليمن.

 

وقد فتح نجاح المشروع الذي تقوده إيمان المجال لإنشاء 12 محطة إضافية للطاقة الشمسية تعود بالفائدة على أكثر من 44,000 شخص، ولكن لا تزال هناك تحديات.

وتقول الحملي: "إننا نفتقر إلى التمويل لتلبية احتياجات المجتمع المتزايدة للطاقة المتجددة، بالإضافة إلى افتقارنا إلى موظفين مدربين في مجال الطاقة الشمسية والذين هم على دراية باستراتيجيات التخفيف من التأثيرات الناجمة عن تغير المناخ".

 

الإنسان أولا

 

"لنتعهد بالتأكيد مجددا على أن العالم تقع على عاتقه المسؤولية عن مساعدة اللاجئين والترحيب بهم، ودعم حقوق الإنسان الواجبة لهم، والمسؤولية عن تسوية النزاعات حتى يتمكن من أجبروا على مغادرة مجتمعاتهم من العودة إلى ديارهم."

عن الإنسان ومواجهة التحديات سواء الطبيعية أو التي يصنعها البشر يتحدث الأمين العام للامم المتحدة أنتونيو غوتيريش في يوم اللاجئ العالمي الذي وافق العشرين من يونيو/حزيران الجاري.

وتسببت الأمطار الموسمية الغزيرة في وقت سابق من هذا الأسبوع في حدوث فيضانات وانهيارات أرضية مدمرة في أكبر مخيم للاجئين في العالم والواقع في جنوب بنغلاديش، مما أثر على الآلاف من اللاجئين الروهينغا وأودى بحياة العديد من الأشخاص.

وقد أضافت الكارثة تذكيراً قاتماً بواقع اللاجئين حول العالم وسلطت الضوء على الحاجة المستمرة للتضامن مع اللاجئين، حسب المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة

وتؤثر أزمة المناخ بشكل غير متناسب على النازحين قسراً، لكن تجاربهم وحلولهم نادراً ما تحظى بمكان لها في المناقشات العالمية حول المناخ.