تقارير وتحليلات

نشر في : 27-04-2024

حدثت في : 2024-04-29 12:29:12

بتوقيت ابوظبي

مصطفى شعبان

مشكلة النفايات المدارية هي قضية الفضاء الأكثر إلحاحًا اليوم، مع ما يقرب من 10 آلاف قمر صناعي عامل يحيط بالكرة الأرضية تخدم معظم البشر.

ولكن هناك أيضًا العديد والعديد من المركبات الفضائية البائدة، وأجسام الصواريخ المهجورة، وملايين القطع الأخرى من القمامة التي تندفع حول كوكبنا بسرعة حوالي 17000 ميل في الساعة.

الانفجارات الشمسية.. عواصف ووهج يفاقمان احترار الأرض

ويسعى العالم المتطور وصاحب الإنتاج الأكبر من الأقمار الصناعية ومركبات وصواريخ الفضاء إلى تنظيف الفضاء من تلك النفايات لحماية البيئة المدارية، ومنها خطة وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" التي أطلقتها لإزالة النفايات الفضائية.

وتركز المرحلة الأولى من استراتيجية الاستدامة الخاصة بوكالة ناسا على النفايات الموجودة في مدار حول الأرض، فهل تمثل النفايات الدارية خطورة حقيقية على بيئة الفضاء والأعمال البشرية الأخرى في الفضاء وما أبرز الحلول لمواجهة هذه التراكمات الضخمة.

مخاطر تتزايد

أي قمر صناعي يدور في منطقة مزدحمة يكون معرضًا بشكل متزايد لخطر الاصطدام بقطعة معدنية شاذة تصطدم به، وبالتالي يصبح في حد ذاته قمامة.

ومن المواقع الفضائية الحساسة التي يتزايد تعرضها لخطر الاصطدام بتلك النفايات العشوائية محطة الفضاء الدولية ورواد الفضاء على متنها، وهي المخاطر التي تم تصويرها في فيلم "Gravity" عام 2013، حيث اضطرت الممثلة الأمريكية ساندرا بولوك إلى الفرار من المحطة الفضائية المدارية.

في مثل هذا السيناريو الأسوأ، ستتعرض الوحدات الحيوية للمحطة الفضائية للخطر، وسيموت أي رائد فضاء لا يتمكن من ركوب المركبة الفضائية والهروب.

وكلما زاد عدد الأقمار الصناعية، زادت المخاطر أيضًا. فإذا حدث اصطدام في المدار، على سبيل المثال، بين جسم صاروخي مهجور وقمر صناعي ميت، فإن ذلك من شأنه أن يولد المزيد من الحطام، ويخاطر بالمزيد من الاصطدامات، ويجعل ذلك المدار غير صالح للاستخدام لسنوات أو ربما لعقود.

هذا الاصطام يشبه حادث سيارة على طريق سريع، باستثناء أنه لا توجد مركبات طوارئ في الفضاء ولا توجد طريقة لإصلاح كل شيء دون إنفاق ملايين إن لم يكن مليارات الدولارات على عملية تستغرق سنوات.

وتتزايد مع اتساع النشاط البشري الفضائي تلك المخاطر، فعلى سبيل المثال يشير تقرير لوكالة "ناسا" في هذا الإطار إلى التوسع الأخير في الأبراج الاصطناعية في السماء، والتي يتكون كل منها من آلاف الأقمار الصناعية، أكبرها على الإطلاق هو "Starlink" التابع لشركة "SpaceX"، والذي يمكنه في النهاية جمع أكثر من 40 ألف مركبة فضائية في صفوفه، فيما يخطط مشروع "Kuiper" من أمازون ليكون ليس بعيدًا عن الركب.

رقعة قمامة كبيرة

يقول دارين ماكنايت، كبير الزملاء الفنيين في شركة "LeoLabs" وهي شركة لتتبع المركبات الفضائية والحطام ومقرها في مينلو بارك بولاية كاليفورنيا إن نماذج ناسا طويلة المدى مفيدة، لأنها توضح كيف يمكن أن يستمر الحطام في التراكم على مدى عقود. لكن الوكالة تتجاهل حقيقة أن الأمور السيئة تحدث بالفعل الآن.

 

ويضيف ماكنايت: على سبيل المثال، في 28 فبراير/شباط، أجرت مركبة الفضاء "TIMED" التابعة لناسا، والتي تدرس الإشعاع الشمسي في الغلاف الجوي العلوي، اتصالاً وثيقًا بقمر صناعي روسي متوقف عمره 32 عامًا.

لقد كان القمر الصناعي ميتًا، وبالتالي لم يكن من الممكن أن يكون قد ابتعد عن الطريق. إذا كانوا في مسار تصادمي، فلن يتمكن أحد من منع ذلك.

والمخاطر أكبر بالنسبة لمحطة الفضاء الدولية، التي تؤوي رواد فضاء، وتعرضت المحطة للتهديد عدة مرات بسبب القمامة التي تدور حولها على مدار العامين الماضيين - مرة بسبب قطعة من صاروخ روسي قديم ومرة ​​أخرى بسبب شظايا من اختبار صاروخ روسي مضاد للأقمار الصناعية تم إجراؤه في عام 2021، مما أدى إلى تأخير السير في الفضاء المخطط له لناسا. لأن الحطام يمكن أن يخترق البدلة الفضائية بسهولة.

تجارب دولية وابتكار ياباني

تحاول بعض الوكالات بالفعل أن تفعل ما يقترحه جاه، وتحاول ناسا اللحاق بالركب، ويمكن أن تكون استراتيجية ناسا خطوة مهمة إلى الأمام.

وقد أطلقت وكالة الفضاء الأوروبية نهجها الصفري للحطام منذ أكثر من عام، ولديها أهداف محددة تخطط الوكالة لتحقيقها بحلول عام 2030 للحد من مخاطر اصطدام نفايات الأقمار الصناعية في المدار.

وفي الوقت نفسه، أعلنت وكالة الفضاء البريطانية أنها ستولي اهتماما خاصا لاستدامة الفضاء في عام 2023.

وبدأت اليابان في الاستثمار في شركات الفضاء الخاصة المخصصة لمعالجة الحطام الفضائي أيضا، حيث تعمل اليابان أيضًا مع الأمم المتحدة لرفع مستوى الوعي بهذه المشكلة في جميع أنحاء العالم.

ومؤخرا كشفت شركة يابانية ناشئة عن خطة لإسقاط النفايات الفضائية باستخدام أشعة ليزر مطورة لتوليد الطاقة بالاندماج النووي.

وتعتمد استراتيجية شركة "EX-Fusion"، ومقرها أوساكا، نهجا جديدا للتعامل مع مشكلة الحطام في مدار الأرض بعد تطوير أحد أقوى أجهزة الليزر في العالم لمصدر طاقة الاندماج النووي.

ولكن يظل العالم أمام تحدي تنظيف الفضاء من النفايات، ويقول ماكنايت إن القياس المناخي مناسب لأزمة النفايات الفضائية بطريقة أخرى أيضًا، مضيفا "هذا يشبه ظاهرة الاحتباس الحراري بمعنى أننا نتوقع حدوثه. لكن لا أحد يريد التصرف حتى تصبح المشكلة حقيقية”.