يهتم العلماء منذ وقت طويل بتوظيف الذكاء الاصطناعي في الأبحاث العلمية وتطوير التقنيات المفيدة.
وبالنسبة لعلماء المناخ؛ فقد سعوا لتطوير نماذج مناخية باستخدام الذكاء الاصطناعي لمراقبة ووضع تنبؤات بما يمكن أن تصل إليه التطورات بخصوص التغيرات المناخية التي يعاني منها الكوكب اليوم. هذا بالضبط ما فعلته مجموعة بحثية من علماء المناخ، الذين توّصلوا إلى نتائج تُفيد بأنّ الذكاء الاحترار العالمي يتسارع بصورة غير مسبوقة. ونشروا نتائجهم في دورية "إنفيرونمنتال ريسرش ليترز" (Environmental Research Letters) في 10 ديسمبر/كانون الأول 2024.
نهج متطور
طور الباحثون نهجًا جديدًا يعتمد على الذكاء الاصطناعي، ويدمج المعرفة من نماذج وملاحظات مناخية مختلفة، لوضع تنبؤات لدرجات الحرارة المتوقعة في ظل الاحترار العالمي؛ بناءً على البيانات والنماذج المناخية السابقة، ما يساعد في تقديم رؤى قريبة لما يُقبل عليه العالم خلال العقود القادمة في حال استمرار انبعاثات الغازات الدفيئة.
تنبؤات
يُعد عصر ما قبل الصناعة هو المرجع لارتفاع متوسط درجات الحرارة اليوم، وذلك لأنّ خلال تلك الفترة، لم تكن الأنشطة البشرية مؤثرة على المناخ كما هو الحال بعدها. وبالفعل، اتفقت الأطراف في "اتفاق باريس"، الصادر عن مؤتمر الأطراف المعني بتغير المناخ في دورته الحادية والعشرين (COP21)، الذي قام في العاصمة الفرنسية باريس عام 2015، على هدف عدم تجاوز متوسط درجات الحرارة العالمية 1.5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الصناعة. وخرج تقرير "الحد من الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية" عن "الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ" (IPCC) في عام 2018، الذي يدرس تأثيرات الاحترار العالمي عند تجاوز عتبة 1.5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الصناعة، والذي أشار إلى النتائج الكارثية المحتملة.
وفي الربع الرابع من العام 2024، خرج "تقرير فجوة الانبعاثات" عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، والذي يُشير إلى أنّه من المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة بين 2.6 إلى 3.1 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الصناعة على مدار القرن الحالي، ووصف "أنطونيو غوتيريش"، الأمين العام للأمم المتحدة، نتائج هذا التقرير كما لو أننا نلعب بالنيران.
وجاءت الدراسة لتتفق مع نتائج تقرير فجوة الانبعاثات وتؤكد أننا بصدد ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة، خاصة مع 34 منطقة من المتوقع أن تتجاوز درجات الحرارة فيهم 1.5 درجة مئوية بحلول 2040. وهناك 31 منطقة منهم، من المتوقع تجاوزهم 2 درجة مئوية بحلول 2040. وبحلول 2060، يتوقع الباحثون أن ترتفع حرارة 26 منطقة من المناطق الأربعة والثلاثين إلى 3 درجات مئوية مقارنة بعصر ما قبل الصناعة، ما يُنذر بمخاطر عديدة.
يرى مؤلفو الدراسة أنه من الضروري تركيز الجهود العالمية واتخاذ التدابير اللازمة لحل أزمة المناخ. وأشادوا بضرورة دمج قدرات وتقنيات الذكاء الاصطناعي في النمذجة المناخية.