قصص

نشر في : 17-01-2025

تاريخ التعديل : 2025-01-17 23:02:33

محمد مبروك

في بداية شهر يناير/كانون الثاني من العام 2025، أكدت "المنظمة العالمية للأرصاد الجوية" (WMO)، أنّ عام 2024، هو العام الأكثر دفئًا على الإطلاق، بمتوسط درجات حرارة 1.55 درجة مئوية أعلى من مستويات عصر ما قبل الصناعة. وبذلك يتفوق عام 2024 على العام السابق له، 2023، والذي سجل 1.45 درجة مئوية أعلى من مستويات عصر ما قبل الصناعة.

وما زالت مؤتمرات الأطراف المعنية بتغير المناخ (COPs)، تجمع الأطراف سنويًا لحل أزمة المناخ. وفي أثناء COP29، وأخيرًا بعد سنوات طويلة، توّصلت الأطراف إلى بنود اتفاق بشأن المادة 6 من اتفاق باريس، تلك المادة المعنية بأسواق الكربون، والتي تسمح بتداول الانبعاثات لدعم جهود التخفيف والحد من ارتفاع درجات الحرارة على سطح الكوكب.

يجدر بالذكر أنّ تداول أرصدة الكربون، يهدف إلى تعزيز أساليب عزل واحتجاز الكربون، باعتباره أشهر وأكثر الغازات الدفيئة انتشارًا ويساهم بصورة كبيرة في رفع متوسط حرارة الكوكب. لذلك، تسعى مشاريع خفض الانبعاثات إلى عزله أو احتجازه بأي شكل. وهنا تتوجه الأنظار إلى أكثر المناطق التي يمكنها استيعاب كميات كبيرة من الكربون. وتبرز التربة باعتبارها بالوعة كربونية قادرة على احتجاز كميات كبيرة من الكربون. لذلك، اهتم العلماء والباحثون بدراستها جيدًا، وتغذية المكتبة العلمية بالبيانات والمعلومات حولها، ما يمكنهم من توظيفها لحل أزمة المناخ.

افتراض

حظيت أنظمة المحاصيل الزراعية المتنوعة بدعم كبير خلال السنوات الماضية، وهي تعني الممارسات الزراعية التي يتم فيها زراعة أصناف مختلفة من المحاصيل الزراعية إلى جانب تربية الماشية في حقل واحد، وهذا يعني المزيد من مدخلات الكربون وتخزينها في التربة. لذلك، كان الافتراض السائد أنّ أنظمة المحاصيل الزراعية المتنوعة، تخفف من الآثار البيئية الضارة للزراعة التقليدية. وهذا ما أراد الباحثون التحقق منه.

وفي هذا الصدد، أجرت مجموعة بحثية من جامعة آيوا بالولايات المتحدة الأمريكية دراسة لتحقيق فهم أعمق حول هذا الافتراض. وخلصوا إلى أنّ الدورات الزراعية التي تتضمن زراعة محاصيل متنوعة لديها فعلًا العديد من الفوائد البيئية، لكنها ليست مفيدة في عزل الكربون مثلما كان يُعتقد. ونشر الباحثون نتائجهم في دورية "نيتشر ساستينابيليتي" (Nature Sustainability) في 2 يناير 2025.

دراسة

حصل الباحثون على مجموعة بيانات ميدانية وعينات للتربة من مزرعة في ولاية آيوا منذ عام 2001، تلك البيانات تضمنت: التناوب بين زراعة محصولي الذرة وفول الصويا لمدة عامين، وأنظمة أخرى تخلط بين محاصيل البرسيم والشوفان لمدة 3 و4 سنوات وتستخدم روث الماشية كسماد بدلًا من السماد النيتروجيني الصناعي. ولمعرفة المدة التي يظل فيها الكربون في التربة، يستخدم الباحثون تحليل نظائر الكربون، وهذا النهج اتبعه الباحثون في أثناء تجاربهم أيضًا.

ماذا وجدوا؟

وجد الباحثون أنّ تنوع زراعة المحاصيل في الدورات التي مدتها 3 و4 سنوات، ساهم في زيادة مدخلات الكربون، في نفس الوقت، أضاف العديد من المواد العضوية، ما حفز النشاط الميكروبي، وهذا يعني زيادة عملية التحلل، وارتفاع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

من جانب آخر، تحوّل النيتروجين العضوي إلى نيتروجين غير عضوي يغذي النباتات في عينات التربة، ما عزز توافر النيتروجين في أنظمة المحاصيل المتنوعة كسمادٍ؛ فقلت الحاجة إلى الأسمدة الصناعية، وبالتالي تقليل انبعاثات أكسيد النيتروز الناتجة عنها.

وخلص الباحثون إلى أنه في حين تساهم أنظمة الزراعة المتنوعة في توفير الأسمدة العضوية للتربة، لكن بدون عزل للكربون. هذه النتائج مفيدة لصناع القرار والعاملين في أسواق الكربون، لإدراك قدرات التربة على عزل واحتجاز الكربون عند استخدام الأراضي بالطرائق المختلفة.