تأتي تقنية التقاط الكربون كأحد حلول أزمة المناخ، والغرض منها إزالة وحجز الكربون من الغلاف الجوي؛ بهدف الحفاظ على ميزانية الكربون، وعدم تجاوز هدف اتفاق باريس (1.5 درجة مئوية أعلى من مستويات عصر ما قبل الصناعة).
لذلك يعمل الباحثون والعلماء من مختلف التخصصات على إيجاد حلول فعالة في القطاعات المختلفة لالتقاط الكربون وحجزه. الأمر الذي شغل مجموعة بحثية من جامعة كونيتيكت في الولايات المتحدة الأمريكية، وطوروا نموذجًا لالتقاط الكربون في بعض البيئات المائية منخفضة الأكسجين مثل مصايد الأسماك، ووجدوا أنها تُمثل فرصة جيدة كجزء من حل أزمة ارتفاع درجات الحرارة. ونشروا الدراسة في دورية "نيتشر فود" (Nature Food) في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
زيادة القلوية
الفكرة شبيهة بزيادة قلوية المحيطات التي اقترحها العلماء مؤخرًا، والتي من خلالها تتم إضافة بعض العناصر إلى المياه، لزيادة القلوية، ما يسمح للمياه باستيعاب المزيد من ثاني أكسيد الكربون.
الفكرة نفسها قرر الباحثون تطويرها على نموذج جديد يتضمن إضافة عنصر الحديد إلى مزارع الأسماك التي تتميز بانخفاض كمية الأكسجين فيها وتراكم كبريتيد الهيدروجين؛ ومن خلال تفاعل كيميائي بسيط، يتكون كبريتيد الحديد، ما يُسهم في رفع القلوية، ويترك مساحة لالتقاط كميات أكبر من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي. من جانب آخر، تُعد هذه فرصة رائعة لخفض تركيزات الكبريتيد الهيدروجين السام، الذي يتسبب في زيادة معدلات نفوق الأسماك، ما يؤثر في الإنتاجية.
نتائج
يرى مؤلفو الدراسة أنّ النموذج المقترح من شأنه أن يجعل صناعة الأسماك أكثر استدامة، ويقلل من السمية التي تتعرض لها الأسماك. من جانب آخر، فتطبيق مثل هذا النموذج منخفض التكلفة، ويُسهم في التقاط كميات هائلة من غاز ثاني أكسيد الكربون -أشهر غازات الدفيئة- خاصة في بعض الدول مثل الصين وإندونيسيا، التي تشتهر بوجود أعداد كبيرة من مصايد الأسماك، يمكنها إذا طبقت مثل هذا النموذج التقاط نحو 100 مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون سنويًا.
يتميز هذا النموذج أيضا بأنه قادر على التقاط الكربون وتخزينه لفترات زمنية طويلة تصل إلى آلاف السنين. كما أنه وسيلة فعّالة لجعل قطاع الأسماك أكثر استدامة، ويعزز إنتاجيتها؛ إذ يعتمد على هذا القطاع ملايين البشر حول العالم كمصدر للدخل والمعيشة.