تقارير وتحليلات

نشر في : 13-01-2025

تاريخ التعديل : 2025-01-14 00:05:00

آلاء عمارة

تُشير الأدلة التاريخية إلى أنّ الإنسان بدأ يستخدم الملابس النسيجية قبل 27 ألف سنة مضت. بمرور الوقت، تطورت صناعة النسيج واستخداماته حتى صارت أساسية في حياته اليومية. لكن، اتضح أنّ هناك بعض الآثار الضارة للمنسوجات على المناخ عندما ينتهي الأمر بها إلى مكب النفايات.

وبخلاف الأضرار الأخرى على البيئة، فإن لها آثارا ضارة إضافية عندما تتسرب المواد الكيميائية والأصباغ السامة إلى التربة والمياه الجوفية، ما يُضر بالتنوع البيولوجي وينال الإنسان نصيبه أيضًا من تلك الأضرار. حسنًا، لننظر إلى تلك الأضرار بشيء من التفصيل في السطور التالية.

نفايات النسيج

يمكن تعريف نفايات النسيج ببساطة على أنها أي قطعة من القماش أو الملابس القديمة، وهي قد تكون غير صالحة للاستخدام أو مُهملة؛ فينتهي بها الحال في مكب النفايات، ويمكن تقسيمها على حسب مصادرها إلى 3 أنواع:

  1. نفايات ما قبل الاستهلاك: وهي نفايات تنتج في أثناء تصنيع ومعالجة المنسوجات، وتتضمن الخيوط وقصاصات النسيج أو المنتجات المعيبة.
  2. نفايات ما بعد الاستهلاك: وهي ناتجة عن استخدام المنتجات النسيجية ثم التخلص منها قبل أو نهاية عمرها الافتراضي، مثل الملابس والستائر والمفروشات.
  3. نفايات ما بعد الصناعة: وتنتج تلك النفايات عن الصناعات الأخرى التي تُستخدم فيها المنسوجات كجزء من الصناعة، وتتضمن منسوجات السيارات أو المنسوجات الطبية وغيرهما.

أضرار متعددة

هناك العديد من الأضرار والصور التي تؤثر بها نفايات النسيج على المناخ والموارد البيئية، نذكر منها:

1- انبعاثات الدفيئة

تُسهم صناعة النسيج عامةً في إطلاق كميات هائلة من انبعاثات غازات الدفيئة، التي تتراوح بين 6 و8% من الانبعاثات العالمية. وتتولد تلك الغازات خلال عملية التصنيع أو التحلل. ومن أبرز الغازات المتولدة خلال عملية تحلل النسيج -التي تستغرق نحو 200 عام تقريبًا- غاز الميثان، الذي يُعد واحدا من أخطر غازات الدفيئة، وتُعادل قوته الاحترارية ثاني أكسيد الكربون 80 مرة. هذا يُشكل خطرًا على المناخ.

2- تلوث الماء

تستهلك صناعة النسيج كميات هائلة من المياه، كما تتسبب في تلوث نحو 20% من المياه النظيفة العالمية. حتى في حال التخلص منها في مكبات النفايات، قد تتسرب المواد الكيميائية الضارة والأصباغ المستخدمة في صناعتها إلى مصادر المياه الجوفية في الأراضي المجاورة، بالإضافة إلى أنّ الألياف البلاستيكية الدقيقة جزء رئيسي من صناعتها، وعندما ينتهي بنفاياتها إلى الأنهار أو مصادر المياه؛ فإنّ تلك الجزئيات البلاستيكية الدقيقة تتسرب إلى أجسام الكائنات البحرية بما فيها من أنواع أسماك يتغذى عليها الإنسان، وتتداخل في الشبكة الغذائية. وبالطبع تتأثر جودة المياه التي تعتمد عليها بعض المجتمعات في الشرب. وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ العالم يُعاني بالفعل من ندرة المياه. لذلك؛ فكل مصادر المياه تُعد موارد ثمينة ينبغي الحفاظ عليها.

3- التربة

تُستخدم مواد كيميائية مختلفة -كما ذكرنا- في صناعة النسيج، وعند التخلص من نفايات النسيج في مكب النفايات، قد تتسرب تلك المواد الكيميائية السامة إلى التربة، ما يؤثر في خصوبتها والمواد المغذية فيها، وقدرتها على دعم نمو النباتات، كما يتأثر التنوع البيولوجي للتربة.

4- استهلاك الطاقة

تحتاج صناعة المنسوجات إلى آلات، تحتاج إلى كميات كبيرة من الطاقة من المصادر غير النظيفة حتى تعمل، وينتج عن ذلك إطلاق كميات هائلة من المواد الجسيمية المتطايرة وأحماض، كلها ضارة بالبيئة وتؤثر على جودة الهواء.

5- استنزاف الموارد

تحتاج صناعة المنسوجات إلى العديد من الموارد، تبدأ من زراعة القطن، الذي يستهلك طاقة ومجهودا كبيرين من المزارعين، ورش للمبيدات الزراعية التي قد تكون ضارة على صحة المزراعين. بعد ذلك، سلسلة النقل والتوريد ومن ثم الصناعة، كلها تحتاج إلى استهلاك طاقة ومياه. من هذا يتضح أنّ عملية تصنيع المنسوجات تستنزف موارد كثيرة.

منسوجات مستدامة

هناك بعض الحلول لتحويل عملية تصنيع النسيج إلى عملية أكثر استدامة، وذلك عبر:

  1. طاقة متجددة: تستهلك صناعة النسيج كميات هائلة من الطاقة. لذلك، من الضروري الانتقال نحو مصادر الطاقة المتجددة في خطوات التصنيع المختلفة، بدءًا من زراعة القطن حتى التوزيع على التجار.
  2. تبني تقنيات مستدامة: تُسهم التقنيات المتقدمة في تقليل استهلاك المياه والطاقة، ما يجعل العملية أكثر استدامة.
  3. الحفاظ على المياه: لأنّ المياه من أكثر الموارد المستنزفة في صناعة المنسوجات، تبرز العديد من الحلول المستدامة للحفاظ عليها وتقليل استهلاكها، وذلك عبر إعادة تدوير المياه من خلال محطات معالجة المياه، وتخزين مياه الأمطار واستخدامها في صناعة المنسوجات؛ تجنبًا لإهدار المياه العذبة.
  4. الحد من المواد الكيميائية: وذلك عبر الاستثمار في الأصباغ والمواد العضوية الصديقة للبيئة، بدلًا من الاعتماد على المواد الكيميائية الضارة والسامة.
  5. إدارة النفايات: إنّ تدريب الموظفين والعاملين في قطاع صناعة المنسوجات على إدارة نفايات النسيج بطريقة مستدامة، من شأنه تقليل العديد من المخاطر المصاحبة لتلك الصناعة.

إنّ صناعة النسيج من أهم الصناعات التي نعتمد عليها في حياتنا اليومية، كما أن لها دورا كبيرا في تدعيم اقتصاد البلاد المختلفة حول العالم. لذلك؛ تحتاج إلى تطبيق الاستدامة؛ لتحقيق الاستفادة المرجوة منها وتقليل المخاطر المحتملة والحفاظ على البيئة والمناخ.