حظي مؤتمر الأطراف COP30 المقبل في البرازيل، بالاهتمام في منتدى دافوس 2025، عبر إلقاء الضوء على الجهود الرسمية وغير الرسمية التي تمهد لتحقيق تقدم إضافي ملموس في مباحثات COP.
واستعرض الموقع الرسمي للمنتدى الاقتصادي العالمي، سبل استعداد الحكومات والهيئات للحدث المناخي الأهم خلال العام، الذي يعقد في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وقال المنتدى الاقتصاد العالمي، إن أمريكا اللاتينية التي تضم بعضًا من أهم النظم البيئية الطبيعية في العالم، من مرتفعات الأنديز إلى الأراضي المنخفضة في الأمازون، وموقع مدينة بيليم المستضيفة لمؤتمر COP30، تعتبر واحدة من أكثر المناطق عرضة لتغير المناخ.
وأوضح "دافوس" أن قمة المناخ القادمة في البرازيل، التي تعقد بعد عام من استضافة كولومبيا لمؤتمر الأطراف حول التنوع البيولوجي، هي مؤشر على التزام المنطقة بالعمل المناخي.
كما اضطرت أمريكا اللاتينية إلى تحمل آثار الطقس المتطرف، بما في ذلك الفيضانات المفاجئة والجفاف وموجات الحر ونوبات البرودة.
وكانت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية قد وصفت عام 2023 بأنه "عام من المخاطر المناخية القياسية في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي".
وليس من المستغرب أن يدرك سكان أمريكا اللاتينية التأثيرات المباشرة لتغير المناخ على حياتهم اليومية وأن يكونوا منفتحين بشكل عام على التنظيم الهادف إلى تعزيز السلوكيات الصديقة للمناخ.
عقبة ترامب
ولكن الطريق إلى مؤتمر الأطراف الثلاثين ليس سهلاً على الإطلاق، ومن دلائل ذلك الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس دونالد ترامب بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس في أول يوم له في منصبه.
رغم ذلك، كانت علامات التعاون قوية، وبشكل متزايد في أمريكا اللاتينية لمواجهة أزمة المناخ، مع مساهمات مهمة من أصحاب المصلحة من الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
وفيما يلي بعض الخبرات والدروس التي شاركها بعض ممثلي بلدان أمريكا اللاتينية خلال دافوس 2025، وترسم ملامح الطريق إلى COP30.
العمل الجاد على جميع الجوانب
أطلق على مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين في العام الماضي اسم "مؤتمر الأطراف المالي"، وانتهى بموافقة البلدان المتقدمة على حشد 300 مليار دولار من تمويل المناخ لدعم البلدان النامية، وهو رقم أقل من الرقم الذي طالبت به البلدان النامية والذي بلغ تريليون دولار.
من ناحية أخرى، شكل مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين معلما رئيسيا بفضل التقدم المحرز في مفاوضات المادة 6، التي ستكون أساسية لتشغيل أسواق الكربون وخلق بديل للبلدان النامية لتمويل المناخ، خاصة من المصادر الخاصة.
وستكون من الأهداف الرئيسية لمؤتمر الأطراف الثلاثين البناء على هذا التقدم والتوصل إلى اتفاق بشأن قواعد أكثر وضوحا لتحسين الشفافية والمصداقية في تجارة الكربون، ودعم نظام عالمي للكربون يشجع على زيادة المشاركة من القطاعين العام والخاص.
ولكن حسب منتدى الاقتصاد العالمي، هذه الرحلة ستكون شاقة وطويلة، نظرا لتباين أسواق الكربون الحالية في العالم، التي وصفها المشاركون في إحدى الجلسات في دافوس بأنها "أشبه بالغرب المتوحش" وبأنها "مضطربة".
وقالت مايسا روخاس كورادي، وزيرة البيئة في تشيلي، إن تشيلي لديها سوق كربون محلية خاصة بها يتم تنفيذها وفقًا للمعايير الدولية منذ عقد من الزمان، على أمل أن تصبح المادة 6 جاهزة للعمل بشكل كامل.
وحدد التشريع البيئي في تشيلي هدفًا لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050 من خلال معالجة أسباب وعواقب تغير المناخ.
على سبيل المثال، ذكرت كورادي مشكلة تلوث الهواء، والتي تتشابك مع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ويمكن معالجتها من خلال الحد من الاستخدام المحلي للملوثات، مما يسهم في الحد من الانبعاثات وتلوث الهواء، وتحسين الصحة العامة.
وأكدت كورادي: "كان نهجنا تجاه تغير المناخ بشكل عام أن نستخدم جميع الأساليب المتاحة لنا"، وقالت: "إن التحول الذي نحتاج إليه في العالم كبير جدًا، لدرجة أنه يتعين علينا استخدام جميع الأدوات المتاحة لنا".
وهذا يعني الاستفادة من أسواق الكربون ولكن أيضًا الحوافز والموارد الأخرى في مجموعة أدوات الحكومة لدفع التحول في مجال الطاقة على نطاق أوسع.
وتشكل تجربة تشيلي، التي تشمل التحول من استخدام الفحم بنسبة 40% قبل بضع سنوات فقط إلى استهداف استخدام 70% من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، دليلاً على طموحها في هذا المجال.
دور القطاع الخاص
وبينما تميل الأحداث الدبلوماسية الكبيرة مثل مؤتمرات الأمم المتحدة للمناخ إلى تسليط الضوء على دور الحكومات، فقد برز القطاع الخاص أيضًا كلاعب حاسم في تعزيز أهداف الاستدامة، خاصة حيث يتقاطع هذا مع الابتكار.
وتُظهِر شركات مثل iFood، إحدى أكبر منصات التكنولوجيا في أمريكا اللاتينية التي تقدم خدمات توصيل الطعام، كيف يمكن أن يؤدي دمج التكنولوجيا والاستدامة والتأثير الاجتماعي والاقتصادي إلى التغيير.
وكانت iFood محايدة للكربون منذ عام 2021 ولكنها تحولت مؤخرًا من استراتيجية شراء ائتمان الكربون إلى الحد بشكل مباشر من الانبعاثات، عبر تجربة الابتكار في الحد من الانبعاثات، من عمليات التسليم التي تعمل بالطائرات بدون طيار إلى الدراجات النارية المحايدة للكربون.
وفي حديثها خلال جلسة حول البرازيل في دافوس، أوضحت لوانا أوزيميلا، كبير مسؤولي الاستدامة في iFood، أن الوقود يمثل حوالي 70% من تكاليف سائقي التوصيل.
وبالتالي فإن الدراجات النارية المحايدة للكربون لا تحد من الانبعاثات فحسب، بل لها تأثير مباشر في أرباح الناس.
وقالت أوزيميلا، "إنه عائد مزدوج"، ونتيجة لذلك، منعت iFood انبعاث 25 ألف طن من الكربون إلى الغلاف الجوي.
وبالتالين الفوائد المحتملة لتوسيع نطاق هذا النهج، لتشمل 32 مليون دراجة نارية متداولة في البرازيل، أكبر أسطول في هذا النصف من الكرة الأرضية، واضحة.
ومع منصة تضم نحو 400 ألف عامل توصيل، تقدم iFood أيضًا خدمات مالية لأصحاب المشاريع الصغيرة وتستفيد من 150 نموذجًا مختلفًا من الذكاء الاصطناعي الخاص لخلق تأثير اجتماعي، من توسيع الوصول إلى التعليم للبالغين إلى تعزيز السلامة على الطرق والحد من الاحتيال.
المبادرات التي تقودها المجتمعات المحلية
وأكد المشاركون في جلسات مختلفة في دافوس أن المجتمعات المحلية والمجتمع الأوسع نطاقًا يلعبان دورًا رئيسيًا في الدفع نحو تحقيق أهداف المناخ، من رفع الوعي البيئي من خلال التعليم إلى الضغط على الحكومات وتوفير حوافز السوق للشركات للتحول إلى سلوكيات صديقة للمناخ.
وسلطت أليسيا بارسينا إيبارا، وزيرة البيئة والموارد الطبيعية في المكسيك، الضوء على التجارب الإيجابية من بلادها، التي عانت من خسائر مدمرة في الأرواح البشرية والنظم البيئية والمجتمعات بعد أن ضربت الأعاصير أوتيس وغون ساحلها على المحيط الهادئ، بالقرب من أكابولكو، في عامي 2023 و2024 على التوالي.
وأدى غياب الحواجز الطبيعية مثل أشجار المانغروف والغابات إلى ترك الساحل بلا دفاع، مما أدى إلى تدمير واسع النطاق.
ومع بقاء 11000 كيلومتر من ساحل المكسيك معرضًا للخطر، تسلط الجهود التعاونية التي تقودها المجتمعات المحلية مثل ترميم المنطقة التاريخية في زوتشيميلكو، جنوب مدينة مكسيكو سيتي، الضوء على الدور الحاسم للمجتمعات المحلية في تشكيل النتائج المستدامة.
وتم تصنيف منطقة زوتشيميلكو Xochimilco، التي تعني "حقل الزهور" بلغة الناواتل المحلية، كموقع للتراث العالمي لليونسكو في عام 1988 للحفاظ على بقايا المشهد الثقافي ما قبل الإسباني في هذه المنطقة، والتي لا تزال قائمة حتى اليوم.
ولكن بسبب عمليات استخراج المياه الجوفية المتهورة، كانت المنطقة ذات يوم تحت تهديد بيئي شديد.
ولكن تم إنعاش منطقة Xochimilco من خلال جهد تعاوني يضم المجتمعات المحلية، ومنظمة الحفاظ الدولية، والحكومة المحلية، حيث عادت المنطقة إلى ما كانت عليه قبل ما يقرب من 400 عام.
وفي حديثها في منتدى دافوس، قالت بارسينا إن التجارب الإيجابية التي يقودها المجتمع تملأها "بالتفاؤل" حيث يعيق التفتت السياسي في العالم المزيد من التقدم بشأن تغير المناخ.
وأكدت أهمية التعاون بين الأجيال للنضال من أجل العدالة البيئية، قائلة: "نحن بحاجة إلى المزيد من ذلك في جميع الأجيال، نحن بحاجة إلى النضال بصوت أعلى، علينا الخروج من منطقة الراحة الخاصة بنا والقتال بصوت أعلى من أجل العدالة البيئية".