في العقد الماضي، انتقل مئات الآلاف من الناس إلى أماكن مهددة بسبب تغير المناخ في الولايات المتحدة، ما أدى إلى ارتفاع أسعار العقارات من السواحل المعرضة للفيضانات إلى الجنوب الغربي الذي مزقته الحرائق.
لكن مجموعة صغيرة من المستثمرين كانوا يدفعون في الاتجاه المعاكس، وكانت حجتهم أنه مع تعرض الأمريكيين لتهديد تغير المناخ فستبدأ قيمة المنازل في المناطق الخطرة في الانخفاض.
وقد خلق هذا فرصًا للربح من خلال الرهان ضد أسواق الإسكان المعرضة للكوارث الجوية أو الاستثمار في الأماكن التي ستجذب الأشخاص الذين يريدون تجنب الأسوأ.
وبالنسبة إلى أي شخص يتوقع شراء أو بيع منزل في الولايات المتحدة في السنوات المقبلة، فقد تساعد الرؤى المستقبلية لهؤلاء المستثمرين في تحديد المكان الذي ستذهب إليه بعد ذلك.
وقبل خمس سنوات، بدأ وولكوك، وهو أسترالي أطلق مؤخراً شركة استثمارية تسمى كلايمت كور كابيتال، في تحليل مجموعة بيانات توضح مخاطر المناخ ونمو السكان في المدن الأمريكية الكبرى على مدى السنوات الـ30 المقبلة.
ولاحظ أن أسرع نمو سكاني تداخل مع المناطق الأكثر خطورة وتواجه تهديدات كوارث المناخ.
رغم ذلك، اعتبر المستثمر الاسترالي منذ ذلك الوقت، أن المناطق الأكثر عرضة لكوارث المناخ بمثابة قنبلة موقوتة، والاستثمار في العقارات بها يشكل مراهنة خطرة.
لذلك شرع وولكوك في إقناع المستثمرين عبر شركته بالقيام بالعكس، فأسس مع شريكه راجيف رانادي، شركة كلايمت كور كابيتال في عام 2021.
وهما يروجان لسياسة تجارة عقارات طويلة الأجل بإعادة توجيه الأموال إلى المدن النامية والمقاومة للمناخ.
ويرى المستثمران أن السوق في الولايات المتحدة لم يتعلم بعد تسعير مخاطر المناخ بشكل صحيح أو المرونة مع هذه المخاطر، حيث يمكن كسب المزيد من المال، والمخاطرة بشكل أقل، من خلال الاستثمار في مبان أفضل في مدن أكثر أمانا.
وبحسب "واشنطن بوست"، يرى المستثمران وولكوك وشريكه رانادي أن ارتفاع تكاليف تغير المناخ من شأنه أن يؤدي إلى خفض قيمة ملايين المنازل في العديد من المناطق المعرضة للطقس المتطرف من لويزيانا إلى نيويورك قبل عام 2030.
ومع ذلك، يعترف كلاهما بأن الاستفادة من ذلك حاليا أمر صعب، ففي حين قدمت شركتهما المشورة بشأن مئات الملايين من الدولارات في معاملات عقارية، لم يتمكن أي منهما من العثور على مستثمرين لدعم رهاناتهما على المستقبل.
ويصف المستثمر الأسترالي وولكوك المشارك في هذا التقرير للصحيفة الأمريكية، العقارات المحفوفة بالمخاطر المناخية في أميركا بـ"كومة الغبار".
وتقول "واشنطن بوست"، إنه في أوائل ثلاثينيات القرن العشرين كانت المنطقة التي تبلغ مساحتها 150 ألف ميل مربع في "السهول العظمى" تمثل مجتمعاً زراعياً مزدهراً.
هذه السهول العظمى هي هضبة مرتفعة واسعة تمتد إلى الشرق من جبال روكي في أمريكا الشمالية، وتشمل في الولايات المتحدة ولايات نيو مكسيكو وتكساس وأوكلاهوما وكولورادو وكانساس ونبراسكا ووايومنغ ومونتانا وداكوتا الجنوبية وداكوتا الشمالية.
ولكن تآكل التربة الشديد، الناجم عن الجفاف وممارسات الزراعة الرديئة، دفع سكانها واقتصادها إلى دوامة هبوطية لم يتعافوا منها بعد.
ويفترض كثيرون أن السبب في ذلك هو أن الناس غادروا إلى أماكن مثل كاليفورنيا، في هجرة خلدتها رواية جون شتاينبك "عناقيد الغضب".
ويعتقد وولكوك أن العديد من الأماكن الخطرة في الولايات المتحدة قد تبدأ مستقبلا في معايشة المصير نفسه، فالمدن ذات الاقتصادات الضعيفة التي تضررت من الكوارث الناجمة عن تغير المناخ سوف تذبل بعد ضربات متكررة.
وإذا فقد الناس الثقة في قدرة هذه الأماكن على التعافي، فقد تدخل في انحدار بطيء لا مفر منه.