قصص

نشر في : 24-01-2025

تاريخ التعديل : 2025-01-24 16:12:54

آلاء عمارة

تُغطي التربة الزراعية نحو 40% من مساحة اليابسة، ويعتمد الإنسان عليها بصورة أساسية في غذائه.

 ولأنّ قطاع الزراعة من أبرز القطاعات التي تُطلق كميات كبيرة من انبعاثات الغازات الدفيئة، كان من الضروري إدخاله في خطط التخفيف، وهذا يعني تعزيز إدارة الممارسات الزراعية؛ لتعزيز امتصاص الكربون. والحقيقة أنّ التربة تتكون من مجموعة متنوعة من المجتمعات، تشمل النباتات والميكروبات والحشرات وغيرهم. لكننا عادةً نلتفت إلى النباتات لأنها ظاهرة على سطح الأرض. ولتحقيق فهم أفضل حول التربة وقدراتها على حبس الكربون، يحتاج الباحثون للتعمق في تلك المجتمعات.

وفي هذا الصدد، سعت مجموعة بحثية دولية بقيادة الدكتور "لويز دومينيوز هورتا"، أستاذ مساعد في (INRAE UMR ECOSYS)، بالحرم الجامعي أجرو باريس ساكلاي إلى دراسة أثر التنوع النباتي على تعزيز كفاءة التفاعلات الإيجابية بين الميكروبات في الجذور، ما يعزز كفاءة استخدام الكربون في التربة الزراعية. ونشر الباحثون دراستهم في دورية "نيتشر كوميونيكاشنز" (Nature Communications) في سبتمبر/أيلول 2024.

وفي هذا الصدد، تواصلنا مع الدكتور "لويز دومينيوز هورتا"، المؤلف الأول للدراسة، وأجرينا معه حوارًا حصريًا.

إليكم نص الحوار..

1- هناك تفاعلات معقدة بين الميكروبات والنباتات والتربة، هل يمكنك تفسير ذلك؟

نعم، تتواصل النباتات والكائنات الحية الدقيقة في التربة باستمرار. وفي بعض الأحيان، تتنافس على الموارد، وقد تستفيد من بعضها عبر توفير العناصر الغذائية التي تحتاجها النباتات للنمو. وإذا فهمنا بصورة أفضل كيف تتفاعل النباتات والكائنات الحية الدقيقة في ظل الظروف المختلفة؛ فقد يساعدنا هذا في فهم كيفية تأثيرنا على التغييرات في النظم البيئية الزراعية لتعزيز أهداف الاستدامة.

ما الذي ألهمك للتحقيق في تأثير تنوع النباتات على هذه التفاعلات؟

أظهرت الدراسات السابقة أن التنوع النباتي الأعلى يقود إلى إنتاجية أعلى (النباتات تنتج المزيد من الكتلة الحيوية). وهذا عامل مهم إذا أردنا زيادة احتجاز الكربون في التربة؛ إذ نحتاج إلى مدخلات كربون أعلى. كانت فكرة تقييم التفاعلات في ظل التنوع النباتي الأعلى، هي فهم أفضل لكيفية تأثير التنوع النباتي على العمليات الميكروبية في التربة التي تؤثر على احتجاز الكربون.

3- هل يمكنك أن تشرح بإيجاز تجربتك الميدانية المذكورة في الدراسة؟

تجربة TwinWin؛ وهي تجربة مثيرة للاهتمام؛ لأنها بدأت بمزارعين اتصلوا بالباحثين وسألوهم كيف يمكنهم تعديل ممارساتهم لتحسين إمكانية احتجاز الكربون في تربتهم. هكذا بدأ كل شيء. ومنذ ذلك الحين، يعمل المزارعون والباحثون في تعاون وثيق لإجراء هذه التجربة. تم اختيار المحاصيل غير المزروعة هنا من خلال مناقشات مع المزارعين واستنادًا إلى تجاربهم السابقة.

4- كيف يساهم تنوع النباتات في تحسين قدرة التربة على احتجاز الكربون؟

قي هذه التجربة، لاحظنا أن تنوع النباتات يعمل بطرق مختلفة لتحسين احتجاز الكربون في التربة. الجانب الأول، هو أن تنوع النباتات يزيد من الكتلة الحيوية للنبات، وبالتالي يزيد من إدخال الكربون إلى التربة. والجانب الثاني، هو أن تنوع النباتات أجرى تعديلات في الارتباطات بين الكائنات الحية الدقيقة في التربة، ما عزز الارتباطات الإيجابية التي زادت من كفاءة نمو النباتات، وبالتالي توليد المزيد من الكتلة الحيوية الميكروبية، والتي من شأنها أن تؤدي إلى تكوين المزيد من الكتلة الميتة في هذه الترب. وبذلك، ساعد هذان الجانبان على فهم كيف يمكن لتنوع النباتات أن يساعد في تحسين إمكانية احتجاز الكربون.

 

أحد الجوانب التي تحتاج إلى المزيد من الدراسات هو تقييم الحالة التي لا يقلل فيها التنوع من غلة المحاصيل. في دراستنا، لم يقلل التنوع من الغلة، ولكن قد لا يكون هذا هو الحال بالنسبة لجميع مجموعات المحاصيل. هذا جانب يتطلب منا توخي الحذر حيث يجب على المزارعين الحفاظ على إنتاجيتهم.

5- كيف يمكن الاستفادة من الممارسات الزراعية كحل للتخفيف من آثار تغير المناخ، من وجهة نظرك؟

أتفق مع بعض الزملاء عندما يقولون: "نحن بحاجة إلى الكربون من أجل التربة، وليس التربة من أجل الكربون". يمكننا استخدام الممارسات الزراعية لتحسين الاستدامة والاحتفاظ بمزيد من الكربون في التربة، ومع ذلك، يجب ألا ننسى أن التربة الزراعية ضرورية لإطعام العالَم، ويجب أن تأخذ التغييرات التي نجريها لزيادة احتجاز الكربون دائمًا في الاعتبار كيف تؤثر على قدرة تلك التربة على إنتاج الغذاء. وهناك بعض الممارسات المعروفة بتحسين الكربون في التربة، وفي نفس الوقت تحسين صحة التربة، وهي: المحاصيل المغطاة وعدم الحرث. والآن نعلم أيضًا أن زيادة تنوع النباتات يمكن أن يساعد أيضًا.