تقارير وتحليلات

نشر في : 06-05-2024

حدثت في : 2024-05-07 13:12:22

بتوقيت ابوظبي

مصطفى شعبان

رافعة اقتصادية وثروة للتنوع البيولوجي

رافعة اقتصادية وثروة للتنوع البيولوجي

منذ عام 2021 أقر العالم العاشر من مايو/آيار كل عام ليكون يوما لشجرة الأركان بعد تأييد الأمم المتحدة للمبادرة المغربية للاحتفاء بهذه الشجرة الداعمة للتنمية والتنوع البيولوجي.

ويهدف الاحتفاء بهذه الشجرة إلى تسليط الضوء على دور الأرگان في تعزيز المجتمعات المرنة، والمساهمة في الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ، بالإضافة إلى تمكين المرأة الريفية من خلال دعم وتعزيز التعاونيات والمنظمات الزراعية.

وبينما حمل احتفاء 2023 بهذا اليوم عنوان "التنمية الاجتماعية والاقتصادية واستدامة نظام الأرگان البيئي"، يحتفل المغرب والعالم بشجرة الأركان للعام الرابع على التوالي لإبراز الدور الحيوي الذي تلعبه هذه الشجرة في النظم البيئية والاقتصادية.

أشجار الأرگان في المغرب بوصفه نظاماً تراثياً زراعياً ذا أهمية عالمية

وشجرة الأرگان هي النوع المحدد للنظام البيئي للغابات الغني بالنباتات المستوطنة، الذي يُعرف بـ "ارقانيري".

وهذا النظام قادر على الصمود في بيئة قاسية في ظل ندرة المياه، وخطر التعرية والتربة الفقيرة.

ملصق مغربي لتخليد اليوم العالمي لشجرة الأركان

لماذا شجرة الأركان؟

شجرة الأرگان باعتبارها تراثاً ثقافياً غير مادي للإنسانية ومصدراً موروثاً للتنمية المرنة والمستدامة، يؤكد المغرب أنه يسعى جاهداً للحفاظ على الممارسات المجتمعية وتطويرها من أجل إدارة نظام أشجار الأرگان البيئي بشكل مستدام، لا سيما في سياق إجهاد الجفاف الحاد وتغير المناخ المتزايد.

وقالت المملكة إنها تود أن تشارك العالم معرفتها لبناء المرونة وهذا النظام الإيكولوجي الرمزي الذي يحمل دراية وخبرة مفيدة لإعادة بناء التنوع البيولوجي والمساهمة في الأمن الغذائي واستعادة صلة متوازنة بين البشر والطبيعة.

صورة نشرتها الأمم المتحدة لنساء من منطقة الجنوب الغربي يقمن باستخراج حبوب شجرة الأركان

زشجرة الأرگان (أركانيا سبينوزا)، هي نوع متوطن من الأشجار الغابية يوجد في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في المغرب، وتنمو هذه الشجرة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

يتميز هذا النظام البيئي بجمال استثنائي وهو مهم ليس فقط لصون التنوع البيولوجي، ولكن أيضاً للبحث والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، نظراً لتأثيره في الغابات والزراعة وتربية الماشية.

شجرة الأركان في أرقام

تتحمل شجرة الأرگان درجات حرارة تصل إلى 50 درجة مئوية.

تعتبر أشجار الأرگان معقلًا حقيقيًا ضد التصحر، حيث يمكن أن يصل ارتفاعها إلى 10 أمتار ويمكن أن تعيش لمدة 200 عام.

لشجرة الأرگان، التي تُعد رمزا للخلود وللمقاومة، قيمة رمزية وعاطفية قوية لدى المجتمعات المحلية.

يقدم زيت الأركان كهدية زفاف ويستخدم بكثرة في تحضير أطباق الأعياد.

يلزم 150 كجم من الفاكهة لإنتاج 3 لترات من زيت الأرگان.

شجرة الأركان وجدت المجتمعات المحلية سبلًا ذكية لزراعة هذه الأراضي القاحلة المتسمة بندرة المياه

بيئيا.. الأركان ركيزة للتنوع البيولوجي

تدعم شجرة الأرگان توليد الدخل، وتزيد من المرونة وتحسن التكيف مع المناخ، وهي تلعب دوراً مهماً للغاية في تحقيق الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة - الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

ولا يستخدم النظام الفريد القائم على زراعة الغابات والمراعي إلا الأنواع المتكيفة محليًا وأنشطة الرعي ويعتمد على إدارة التقليدية للمياه بطريق خزانات مياه الأمطار المحفورة في الصخور، وهو ما يساهم بالتالي في التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه، فضلا عن الحفاظ على التنوع البيولوجي.

وحازت المنطقة الفريدة التي تُزرع فيها أشجار الأرگان على تقدير وحماية من مختلف الكيانات الأممية.

أشجار الأرگان في المغرب بوصفه نظاماً تراثياً زراعياً ذا أهمية عالمي

وتجمع هذه المنطقة الفريدة — التي تزرع فيها أشجار الأرگان منذ عقود طولية — بين التنوع البيولوجي الزراعي والنظم البيئية المرنة والتراث الثقافي الثمين، ولهذا السبب، حصلت على اعتراف من مختلف كيانات الأمم المتحدة وحماياتها.

وقد أصبحت هذه الشجرة الموروثة عن المغاربة القدماء ، والتي قاومت الظروف المناخية والعوامل البشرية، رمزا للتكيف والتأقلم، نظرا لدورها الفعال في الحد من التصحر والتعرية، وخصائصها المتميزة كنظام غابوي-رعوي وفلاحي متكامل يوفر شروط التعايش المتوازن بين الإنسان وباقي المكونات الطبيعية من غطاء نباتي وثروة حيوانية

شجرة الأركان. وجدت المجتمعات المحلية سبلًا ذكية لزراعة هذه الأراضي القاحلة المتسمة بندرة المياه، والحفاظ على المياه وكسب الدخل

اجتماعيا.. الأركان تراث وثقافة

كانت شجرة الأرگان الدعامة الأساسية على مدى قرون عدة للمجتمعات الريفية الأصلية من البربر والعرب، والتي طورت ثقافة وهوية محددة، وتقاسمت معارفها ومهاراتها التقليدية من خلال التعليم غير الرسمي، ولا سيما المعرفة الفريدة المرتبطة بعمل النساء في الإنتاج التقليدي لزيت الأرگان.

وحددت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في عام 1988 منطقة الإنتاج بوصفها محمية.

 كما أُدرجت جميع الممارسات والدرايات الفنية المتعلقة بأشجار الأرگان على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية في عام 2014.

وعلاوة على ذلك، اعترفت منظمة الأغذية والزراعة في كانون الأول/ديسمبر 2018 بالنظام الزراعي والرعوي المعتمد على أشجار الأرگان في المغرب بوصفه نظاما تراثيا زراعيا ذي أهمية عالمية.

النظام الزراعي والرعوي المعتمد على أشجار الأرگان-pexels

اقتصاديا.. الأركان ركيزة للتمكين والاستدامة

يتم استخراج زيت الأرگان المشهور عالمياً من البذور وله استخدامات متعددة، خاصة في الطب التقليدي والتكميلي وفي صناعات الطهي ومستحضرات التجميل.

ويستخدم في الغالب كزيت، وخصائصه المضادة للشيخوخة تحظى بشعبية في مستحضرات التجميل، وقد أدى الطلب عليه في القطاع الغذائي إلى تحويله إلى أغلى زيت صالح للأكل في العالم.

زيت الأركان

زيت الأرگان من أندر الزيوت في العالم ويشتهر بـ"الذهب السائل" المغرب، وله استخدامات متعددة في الطبخ والأدوية ومستحضرات التجميل.

ويُعرف عن هذا الزيت علميًا قدرته على الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية وفوائده للبشرة.

وتتصدر المرأة الريفية عملية استخراج الزيت كاملة من خلال المعرفة المنقولة عبر الأجيال.

ويساهم قطاع إنتاج الأرگان المستدام في التمكين الاقتصادي والشمول المالي للمجتمعات المحلية، وخاصة النساء اللواتي يعشن في المناطق الريفية.

كما تلعب التعاونيات والمنظمات الزراعية المدعومة من المجتمعات المحلية والعاملة في مجال الأرگان دوراً أساسياً في تعزيز فرص العمل المحلية، ويمكن أن تلعب دوراً مهماً في المساهمة في الأمن الغذائي والقضاء على الفقر.

لشجرة الأرگان أهمية كبرى نظرا لتعدد استخداماتها وبوصفها وسيلة من وسائل الكسب، فضلا عن دورها في زيادة المرونة وتحسين التكيف مع المناخ وتحقيق الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة - الاقتصادية والاجتماعية والبيئية - على المستوى المحلي.

وحسب وزارة الفلاحة والصيد البحري تواصل المملكة المغربية الجهود لدعم تنمية هذه السلسلة خلال العشرية المقبلة كجزء من تنفيذ استراتيجيات الجيل الأخضر وغابات المغرب، وذلك وفق توجيهات النموذج التنموي الجديد، من أجل مغرب مستدام، يحرص على المحافظة على موارده.

زيت الأركان

وأعلنت الوزار تعزيز هذه السلسلة في إطار عقد برنامج من الجيل الجديد، يرتكز على المحافظة على المكتسبات المحققة وضمان استدامتها، مع إيلاء أهمية قصوى  للعنصر البشري باعتباره رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية