قصص

نشر في : 24-06-2024

حدثت في : 2024-06-24 13:36:46

بتوقيت ابوظبي

آلاء عمارة

ربما تساهم كائنات دقيقة لا تُرى بالعين المجردة في مكافحة التغيرات المناخية؛ فما القصة؟

يتمتع القطب الشمالي باهتمام واسع بين العلماء، وهو مادة دسمة للبحث العلمي، ويجذب الجميع بغموضه وألغازه التي يكتشفها البشر من حين إلى آخر، كما أنه يضم نظام بيئي مذهل، يدعم حياة ملايين الأنواع المهمة على سطح الأرض، لعل أبرزهم الدب القطبي الذي يخرج من ملاجئه ربيعًا، وتلتقطه عدسات الكاميرات الفضولية. وبينما ينشغل المصورون في لقطات واضحة للكائنات الحية هناك، ركزت مجموعة بحثية من جامعة جامعة آرهوس، في الدنمارك، على دراسة كائنات لا تُرى بالعين المجردة، وعلى الرغم من ذلك، إلا أنهم يعتبرونها عملاقة مقارنة بأقرانها، وهي الفيروسات العملاقة. 

فقد وجدوا أنّ الفيروسات العملاقة تساهم في التخفيف من التغيرات المناخية عن طريق إصابة الطحالب الثلجية التي تغطي الغطاء الجليدي في جرينلاند؛ فلا تنعكس أشعة الشمس من المناطق التي تستحوذ عليها الطحالب، وبالتالي يزداد الاحترار العالمي، وعندما تصيبها تلك الفيروسات، تقل أعداد الطحالب؛ ما يساهم في التخفيف من التغيرات المناخية وتقليل ذوبان الجليد. ونشر الباحثون نتائجهم في دورية "ميكروبيوم" (Microbiome) في 17 مايو/أيار 2024. 

الفيروسات العملاقة 

بالطبع لن تكون عملاقة بالحجم الذي قد تتصوره، لكنها كذلك بالنسبة لأقرانها من الفيروسات الأخرى؛ فعادةً ما تتراوح أحجام الفيروسات العادية بين 20 - 200 نانومتر، بينما قد تصل أحجام الفيروسات العملاقة إلى 2.5 ميكرومتر، وهي بذلك تقترب أو تتجاوز أحجام البكتيريا المثالية والتي تتراوح بين 2 - 3 ميكرومتر. وقد كشف العلماء الستار عن الفيروسات العملاقة لأول مرة في المحيط عام 1981، ولاحقًا عُثر عليها في التربة، لكن هذه هي المرة الأولى التي يُعثر عليها في الجليد الذي تعيش فيه الطحالب الدقيقة. 

كيف اكتشفوها؟ 

حصل الباحثون على عينات من أنواع مختلفة من الجليد في جرينلاند، وحللوا العينات باستخدام تحليل الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA)، للتأكد من أنّ الحمض النووي تابع لفيروسات نشطة؛ فالحمض النووي الريبوزي المرسال مرتبط بعملية النسخ، والتي تُثبت نشاط الفيروس. وهذا يأخذنا إلى نقطة أعمق، والمقصود بها عملية تحدث بصورة طبيعية للبقاء على قيد الحياة، وهي عملية التعبير الجيني، التي تتضمن مرحلتين أساسيتين: النسخ والترجمة. 

أما عن عملية النسخ، ففيها يتم نسخ الجينات على خيط يُسمى الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA)، بعد ذلك يأتي دور عملية الترجمة، التي تترجم تلك الجينات المنسوخة على الحمض النووي الريبوزي المرسال إلى بروتينات. والبروتينات في لغة علم الوراثة والجينات تعني: العين، الجلد والأظافر وكل ما هو ظاهري، والذي يُعبر عن الجينات بداخل أجسامنا. نفس الأمر بالنسبة للفيروسات العملاقة. 

ونشاط تلك العملية، يعني أنّ الكائن على قيد الحياة. لذلك، تحقق الباحثون من خلال تحليل تسلسلات الحمض النووي الريبوزي المرسال، والذي يلعب دورًا محوريًا في أثناء عملية التعبير الجيني. كما أنه يتحلل بسرعة كبيرة في العينات الميتة. ووجوده علامة مهمة على نشاط الفيروس. 

يرى مؤلفو الدراسة أنّ هذه الفيروسات العملاقة، ربما تكون أملًا جديدًا في التخفيف من آثار التغيرات المناخية وحماية الجليد من الذوبان، لكن يحتاجون لإجراء المزيد من الأبحاث لاكتشاف المزيد عن تلك الفيروسات العملاقة.