لماذا لا يطوّر البشر تقنيات لاستخدام المحيطات في التقاط الكربون من الغلاف الجوي، بدون التأثير السلبي على خصائصها الفيزيائية والكيميائية.

تُعرف المحيطات على أنها واحدة من البالوعات الكربونية التي تمتص كميات كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون، لذلك يأمل العلماء تحقيق الاستفادة الكبرى منها. وفي هذا الصدد، عملت مجموعة بحثية دولية على البحث عن ابتكارات وحلول مرتبطة بالكربون الأزرق، والتي من شأنها أن تعزز قدرة المحيطات على امتصاص ثاني أكسيد الكربون واحتجازه، وقدم الباحثون 3 مقترحات، ونشروها في دورية "إنفيرونمنتال ساينس آند بوليسي" (Environmental Science & Policy) في مايو/أيار 2024. 

الكربون الأزرق 

وهو مصطلح يُشير إلى غاز ثاني أكسيد الكربون الذي تلتقطه المحيطات والنظم البيئية البحرية؛ لتخزين الكربون. والجدير بالذكر أنّ البيئات البحرية قادرة على تخزين أكثر من نصف الكربون البيولوجي في العالم بواسطة الكائنات البحرية. وعلى الرغم من ذلك؛ فإنّ الاهتمام الأكبر فيما يخص تخزين الكربون لمكافحة التغيرات المناخية متركز على تعزيز أنظمة التربة والغابات، على عكس النظم البيئية البحرية، والتي يُعد الاهتمام بها وتسخيرها لهذا الغرض أمرًا حديثًا نسبيًا. 

تقديم اقتراحات 

وفي سياق الكربون الأزرق، أجرى الباحثون 46 مقابلة مع الخبراء وقاموا بـ 38 زيارة للمواقع المستهدفة، وحللوا الكثير من المعلومات التي حصلوا عليها. وقدموا 3 مقترحات، من ضمنها: 

1- الحفاظ على الشعاب المرجانية في أستراليا 

في أستراليا، حيث يقع الحاجز المرجاني العظيم، وهو أكبر مجمع على سطح الأرض للشعاب المرجانية ويضم مئات الأنواع منها. وتكمن أهمية الشعاب المرجانية في مكافحة التغيرات المناخية في أنسجتها القادرة على امتصاص ثاني أكسيد الكربون. وفي هذا السياق، أجرى الباحثون نحو 23 مقابلة مع خبراء محليين، ولاحظوا ضرورة الحفاظ على الحاجز المرجاني العظيم لأهميته الوطنية، كذلك دوره في مكافحة التغيرات المناخية، وفوائد أخرى تتمثل في دور الشعاب المرجانية في: السياحة البيئية وتحسين مصايد الأسماك. أما الآثار السلبية، تتمثل في احتمالية تفشي الأنواع الغازية. 

2- الحشائش البحرية 

وهي نباتات بحرية، تتميز بأوراق وسيقان، وتتمتع بقدرة كبيرة لاحتجاز الكربون من خلال تعزيز الكتلة الحيوية لها، ما يساعدها في احتجاز وتخزين كميات أكبر من ثاني أكسيد الكربون. وفي هذا الصدد، أجرى الباحثون 12 مقابلة مع خبراء الحشائش البحرية من عدة جامعات ومنظمات ومؤسسات، وتعمقوا أكثر في مميزات الأعشاب البحرية وقدراتها الاستثنائية على تخزين الكربون، ما وضعها في قائمة الحلول الفعّالة لإزالة الكربون من الغلاف الجوي، فضلًا عن الفوائد الأخرى المحتملة والتي تشتمل على: تحسين نوعية المياه ونظافتها، تعزيز التنوع البيولوجي ومصائد الأسماك، ومنع تآكل الشواطئ. 

3- الطحالب أو الأعشاب البحرية 

ويمكنها احتجاز الكربون عبر زيادة كتلتها الحيوية، وذلك عن طريق تكثيف زراعتها في المحيطات، لذلك اهتم بها الباحثون وأجروا 11 مقابلة مع موظفين في شركات ناشئة بالولايات المتحدة الأمريكية، يهتمون بزراعة الأعشاب البحرية. وجد الباحثون أيضًا أنّ زراعة الأعشاب البحرية تساهم في زيادة إنتاج الغذاء وتحسين جودة المياه ومعالجة النفايات. 

يرى مؤلفو الدراسة أنّ مجال الكربون الأزرق قد يكون وسيلة رائعة لمكافحة التغيرات المناخية، واحتجاز أكبر قدر من انبعاثات الكربون، ما يساهم في سلامة الكوكب. من جانب آخر، هناك الكثير من الفوائد الجانبية للحفاظ على الشعاب المرجانية وتعزيز نمو الأعشاب البحرية والحشائش البحرية. كل هذا يعود بالإيجاب على حياة الإنسان ورفاهيته.