كشفت المناظرة الرئاسية بين كامالا هاريس ودونالد ترامب الأخيرة في فيلادلفيا عن تناقضات مناخية فجة لكل من المرشحين للسباق نحو البيت الأبيض.
وفي المناظرة التي جرت في فيلادلفيا، سأل أحد المذيعين نائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس السابق دونالد ترامب سؤالاً له آثار في مستقبل الصحة العامة والسلامة والاقتصاد، بقوله ماذا سيفعل كل منكما لمحاربة تغير المناخ إذا انتُخب رئيسا؟
فيما يخص نائبة الرئيس والمرشحة الديمقراطية، أقرت هاريس بتأثير تغير المناخ على الأمريكيين، قائلة: "إنه حقيقي للغاية".
وأضافت "اسأل أي شخص يعيش في ولاية شهدت هذه الظواهر الجوية المتطرفة".
ثم تحدثت هاريس عن الاستثمارات في الطاقة النظيفة في ظل إدارة بايدن الحالية، لكنها تجاهلت وصف خطتها الخاصة لمعالجة تغير المناخ إذا انتُخبت رئيسة.
في المقابل، استغل ترامب وقته في الرد على السؤال لمهاجمة سجل إدارة بايدن- هاريس في وظائف التصنيع دون الإجابة أيضا عن السؤال بشكل مباشر.
ووعد ترامب بفرض رسوم جمركية على السيارات المصنعة في الخارج "حتى لا تتمكن من دخول البلاد"، لكنه لم يربط القضية بخفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري.
ترامب يصف تغير المناخ بالخدعة
وخلال المناظرة، قالت هاريس - بدقة - إن ترامب سبق له أن قام بوصف تغير المناخ بأنه "خدعة".
وفي عام 2014، استخدم ترامب الكلمة مرارًا وتكرارًا لوصف ظاهرة الاحتباس الحراري على منصة التواصل الاجتماعي X، التي كانت تُعرف سابقًا باسم تويتر.
وفي خطاب ألقاه عام 2015، وصف ترامب ظاهرة الاحتباس الحراري بأنها "صناعة لكسب المال"، وقال: "الكثير منها خدعة".
ولكن لاحقًا، في مناظرة عام 2020، قال إنه يعتقد أن التلوث البشري يسهم في الاحتباس الحراري "إلى حد ما".
ويقول العلماء إنه من الواضح أن الغلاف الجوي والأرض والمحيطات ارتفعت درجة حرارتها نتيجة للتأثير البشري.
واستمرت تصريحات ترامب السابقة المثيرة للجدل ضد التغير المناخي بإلقاء ظلالها على المناظرة، فقد وجه ترامب رسائل مختلطة بشأن العمل المناخي.
ففي عام 2019، بينما كان يستعد لسحب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ، تفاخر بأن الولايات المتحدة تجاوزت البلدان الأخرى في خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
ولكن في أثناء توليه منصب الرئيس، عيّن متشككًا في المناخ لقيادة وكالة حماية البيئة التابعة له وألغى عددًا من القواعد المتعلقة بالمناخ، بما في ذلك إضعاف معايير التلوث للسيارات وإلغاء خطة الطاقة النظيفة في عهد أوباما.
وإذا تم انتخابه لفترة ولاية ثانية، يزعم أنه "سيجعل أمريكا المنتج المهيمن للطاقة في العالم، بفارق كبير"، و"سيلغي تفويض المركبات الكهربائية" و"ينهي القيود المشوهة للسوق على النفط والغاز الطبيعي والفحم"، وفقًا للمنصة على موقع حملته على الإنترنت.
وفي عام 2023، كانت الولايات المتحدة بالفعل أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال ومنتج للنفط في العالم.
ولم تفرض إدارة بايدن-هاريس تفويضًا للسيارات الكهربائية، لكنها دفعت نحو التحول إلى السيارات الكهربائية من خلال وضع حدود صارمة لتلوث أنابيب العادم وضخ التمويل الفيدرالي لإعادة تجهيز مصانع السيارات.
وخلال مناظرة يوم الثلاثاء الماضي، قال ترامب إنه "معجب كبير بالطاقة الشمسية"، لكنه زعم أن المزارع الشمسية "ليست أشياء جيدة للبيئة" بسبب المساحة الشاسعة اللازمة لها على نطاق واسع.
وقال: "إنهم بحاجة إلى صحراء كاملة للحصول على بعض الطاقة".
وفي مراجعة للحقائق بعد المناظرة، وصفت مجلة Atmos ادعاء ترامب بأنه "صحيح جزئيًا، لكنه مضلل"، مشيرة إلى أن أكبر مشروع للطاقة الشمسية في الولايات المتحدة يزيد على 4000 فدان في صحراء موهافي، مع إشارتها إلى أن معظم المنشآت الشمسية أصغر بكثير.
إنتاج قياسي للغاز في عهد بايدن
وخلال المناظرة، زعم ترامب أنه "أدار أعمال النفط بشكل لم يسبق لأحد أن فعل ذلك من قبل" وأن فوز هاريس يعني نهاية الوقود الأحفوري.
وقال: "في اليوم التالي لتلك الانتخابات، سيعودون إلى تدمير بلدنا وسيموت النفط، وسيموت الوقود الأحفوري، وسنعود إلى طواحين الهواء وسنعود إلى الطاقة الشمسية".
لكن في الواقع، وصل إنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى له على الإطلاق في عهد بايدن، وأشارت هاريس إلى ذلك خلال مناظرة يوم الثلاثاء.
وقالت: "أنا فخورة بأنني كنائبة للرئيس على مدى السنوات الأربع الماضية، استثمرنا تريليون دولار في اقتصاد الطاقة النظيفة بينما قمنا أيضًا بزيادة إنتاج الغاز المحلي إلى مستويات تاريخية".
وادعى ترامب أنه إذا تم انتخاب هاريس، فإن "التكسير الهيدروليكي في بنسلفانيا سينتهي في اليوم الأول من ولايتها".
وبينما قالت هاريس إنها كانت تؤيد حظر التكسير الهيدروليكي كمرشحة أولية في عام 2019، إلا أنها تراجعت عن موقفها منذ ذلك الحين.
وإيضاحا للحقائق أشار موقع whyy.org إلى أنه، في حين يمكن للرئيس حظر التكسير الهيدروليكي على الأراضي الفيدرالية، فإن الكونغرس وحده هو الذي يمكنه حظر التكسير الهيدروليكي على الأراضي الخاصة والتابعة للدولة.
وقد اعتمد ازدهار التكسير الهيدروليكي في ولاية بنسلفانيا على عقود الإيجار المملوكة للقطاع الخاص.
كما تستأجر الولاية الأراضي لحفر النفط والغاز، ولكن هناك القليل جدًا من الأراضي الفيدرالية المتاحة للتكسير الهيدروليكي في ولاية بنسلفانيا.
كما أن هاريس سبق أن أدلت بصوتها الحاسم لصالح قانون خفض التضخم في عام 2022، وشمل مشروع القانون أكبر استثمار فيدرالي في الطاقة النظيفة في تاريخ الولايات المتحدة بالإضافة إلى الإعفاءات الضريبية لتحسين كفاءة استخدام الطاقة في المنازل.
ما خطة هاريس للتعامل مع تغير المناخ؟
ولم تعلن هاريس بعد عن خطة مناخية مفصلة، لكن موقع حملتها يقول إنها "ستوحد الأمريكيين لمعالجة أزمة المناخ" و"تقاتل من أجل حرية تنفس الهواء النظيف، وشرب المياه النظيفة، والعيش خاليا من التلوث الذي يغذي أزمة المناخ".
ويعد موقعها الإلكتروني بأنها ستعزز العدالة البيئية، وتحمي الأراضي العامة، وتبني القدرة على الصمود في مواجهة الكوارث، وتخفض تكاليف الطاقة المنزلية، وتحاسب الملوثين، وتخلق "ملايين الوظائف الجديدة".
وقالت حملتها لوكالة أكسيوس إنها "لا تدعم تفويض المركبات الكهربائية".