قصص

نشر في : 19-07-2024

حدثت في : 2024-07-22 11:55:08

بتوقيت ابوظبي

آلاء عمارة

تلعب الدياتومات دورا حيويا في امتصاص الكربون من الكوكب وإمداده بأكسجين يمثل 20% من استهلاك البشر، لكن دراسة حديثة اكتشفت أن الكوكب مدين بالمزيد لهذا الطحلب الفرد.

يُقدر السجل الأحفوري عمر الدياتومات على سطح الأرض منذ نحو 200 مليون سنة، ما يجعلها واحدة من أقدم الكائنات على سطح الأرض، على الرغم من صغر عمرها مقابل الكثير من أنواع الطحالب الأخرى، لكنها تمتعت بصفات فريدة، جعلتها محط أنظار علماء الطحالب والجيولوجيا معًا؛ لتاريخها العميق وخصائصها المذهلة، ما جذب مجموعة بحثية من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو في الولايات المتحدة الأمريكية، لإجراء دراسة مدى ارتباطها بدورة الكربون وقدراتها على امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون، وعلاقة هذا بالتغيرات المناخية. ونشر الباحثون نتائجهم في دورية "ساينس أدفانسيس" (Science Advances) في 17 يوليو/تموز 2024. 

ما هي الدياتومات؟ 

وهي عبارة عن طحالب وحيدة الخلية، وحقيقية النواة، تزيد أعداد أنواعها على 20 ألفا، ويكتشف العلماء المزيد من أنواعها كل عام، ما يجعلها تحظى بأهمية خاصة بين العلماء. تتكون جدران خلاياها من السيليكا الشفافة التي تميزها بأنماط معقدة ومذهلة في الوقت نفسه. وتتمتع الدياتومات أيضًا بجزيئات مثل الكلوروفيل (A) والكلوروفيل (C)، التي تجمع طاقة الشمس وتحولها إلى طاقة كيميائية عن طريق عملية البناء الضوئي. ويُقدر العلماء أنها تُتنج ما يزيد على 20% من الأكسجين الذي نتنفسه. بالإضافة إلى دورها في إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وهذا يمثل أهمية كبيرة عند الحديث عن التغيرات المناخية. 

دور أكبر! 

لأنها تقوم بعملية البناء الضوئي وتزيل الكربون من الغلاف الجوي؛ فهذا يعني أنّ الدياتومات تلعب دورًا رئيسيًا في دورة الكربون العالمية، وكان العلماء يعتقدون أنّ دورها في تلك الدورة العالمية يتوقف عند هذا الحد، لكن كشفت الدراسة التي أجراها علماء جامعة كاليفورنيا أنّ الدياتومات أيضًا تتغذى على المواد العضوية الأخرى، ما يعني أنها يمكنها احتجاز كميات أكبر من الكربون؛ أي أنّ دورها في دورة الكربون العالمية أكبر مما نتوقع. 

رحلة البحث

اعتمد الباحثون على مجموعة من البيانات حصلوا عليها من رحلة Tara Oceans، والتي اتحدت فيها مجموعة من العلماء من مختلف التخصصات وحصلوا على عينات كثيرة من العوالق، وكونوا من خلالها مجموعة كبيرة من البيانات. وقد انطلقت هذه الرحلة في 5 سبتمبر/أيلول 2009، واجتازت محيطات العالم خلال 4 سنوات، في مهمة فريدة تتمثل في إنشاء قاعدة بيانات كاملة للنظام البيئي العالمي للعوالق. بالفعل شكلت هذه الرحلة ثورة في عالم البحث

عمل الباحثون على تحليل عينات من نوع محدد من الدياتومات، يُسمى (Cylindrotheca closterium)، وهو موجود في محيطات العالم، ووجدوا أنّ ما يزيد على 70% من تلك العينات، تقوم بعملية البناء الضوئي، بالإضافة إلى تغذيتها على الكربون العضوي من بعض المصادر مثل العوالق. 

التغذية المختلطة

لاحظ العلماء أنّ هناك مجموعات من البكتيريا تتعايش مع تلك الدياتومات محل الدراسة في عينات مياه المحيط. وعلاقة التعايش تلك جعلتهم يفترضون أنّ للبكتيريا دورًا ما في عملية تغذية الدياتومات على الكربون العضوي؛ لأنهم وجدوا أنّ تلك الدياتومات تحديدًا تتغذى على الكربون العضوي بالإضافة إلى عملية البناء الضوئي التي تقوم بها. وأطلقوا على هذا النوع من التغذية اسم "التغذية المختلطة". 

يرى الباحثون أنّ علاقة البكتيريا بالدياتومات تلك، تساعدها على أن تكون من أكثر الكائنات نجاحًا وأهمية على الكوكب؛ لأنها تُسهم في عزل المزيد من غاز ثاني أكسيد الكربون، وهو أبرز غازات الاحتباس الحراري الذي يعاني منه الكوكب اليوم. 

فهم جديد

تُضيف هذه الدراسة المزيد من الفهم لدورة الكربون العالمية، التي كان من المعتقد أنّ دور الدياتومات فيها يتوقف على تثبيت غاز ثاني أكسيد الكربون عبر عملية البناء الضوئي. وإنما أيضًا تحتاج للتغذية على الكربون العضوي من أجل النمو وإنتاج الكتلة الحيوية. وهذا يعني أنّ تلك الدياتومات تحتاج إلى التغذية بهدف البقاء. 

يرى مؤلفو الدراسة ضرورة إضافة نتائجهم لتعزيز الفهم فيما يتعلق بدورة الكربون العالمية، وإجراء المزيد من الأبحاث لكشف المزيد حول علاقة الدياتومات بالبكتيريا المتعايشة معها.