تقارير وتحليلات

نشر في : 12-06-2024

حدثت في : 2024-06-13 09:08:52

بتوقيت ابوظبي

مصطفى شعبان

أظهر تقرير حديث للأمم المتحدة أن الاتجار غير المشروع بالحياة البرية يؤثر حاليًا على 4000 نوع من الحيوانات والنباتات، على الرغم من الجهود العالمية المبذولة على مدار عقدين من الزمن لوقفه.

وأشار تقرير الأمم المتحدة بشأن جرائم الحياة البرية العالمية لعام 2024 الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة إلى أنه تمت مصادرة حوالي 13 مليون قطعة في الفترة من 2015 إلى 2021.

وقد أُعد التقرير بالتعاون مع الاتحاد الدولي لمكافحة جرائم الحياة البرية، واعتمد على بيانات مستقاة من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن التجارة الدولية في الأنواع المهددة بالانقراض، والإنتربول، والبنك الدولي، ومنظمة الجمارك العالمية، لتقديم نبذة عن الاتجار بالحياة البرية في العالم.

 

تعد التجارة غير المشروعة بالحياة البرية أحد أكبر الأنشطة الإجرامية في العالم

 

 

هذه المشكلة العالمية، التي تؤثر على الحيوانات والنباتات والمجتمعات والاقتصادات وغيرها، يمكن أن تتفاقم إلى حد كبير.

 

حيوانات البنغولين ووحيد القرن والفيلة وأشجار الأرز وخشب الورد الأكثر تضرراً في جميع أنحاء العالم

 

أكثر الانواعة المهددة

أصبح معدل انقراض الأنواع على الأرض أعلى بمئات المرات مما كان عليه في العشرة ملايين سنة الماضية.

 ويوضح تقرير الأمم المتحدة أنه بين عامي 2015 و2021، كان ما يقرب من 81% من المضبوطات التجارية غير المشروعة في 162 دولة وإقليم تتعلق بأنواع نباتية وحيوانية مدرجة في اتفاقية التجارة الدولية بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض.

ومع ذلك، فإن الأرقام الأخيرة المتعلقة بالاتجار في عاج الأفيال وقرون وحيد القرن "توفر سببًا لبعض التفاؤل".

ويبدو أن الجهود رفيعة المستوى في مجال التسويق والسياسة المتعلقة بالعاج والقرون، إلى جانب القيود المفروضة على السوق وزيادة إنفاذ القانون، ناجحة ــ مما قد يخلق نموذجاً إيجابياً لمساعدة الأنواع الأخرى بشكل أكثر فعالية. ومع ذلك، فإن "اليقظة المستمرة" أمر حيوي، كما يحث مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.

ولا يزال وحيد القرن والفيلة يمثلان 29% و15% من الأنواع الأكثر تضرراً من جرائم الحياة البرية، على التوالي، بعد حيوان البنجولين (28%) - الذي يتعرض ما لا يقل عن 200 ألف منه للصيد الجائر كل عام. فقد انخفض عدد الأفيال الأفريقية من 3 إلى 5 ملايين قبل قرن من الزمان إلى حد أقصى يبلغ 690 ألفاً اليوم، في حين انخفض عدد الأفيال الآسيوية بأكثر من النصف من 100 ألف.

 

التصدي للإتجار غير المشروع بالحياة البرية في جميع أنحاء العالم جه] معقد للغاية

 

التهريب من أفريقيا لآسيا

 

يشكل فقدان التنوع البيولوجي وانهيار النظام البيئي ثالث أكبر خطر يهدد كوكب الأرض خلال السنوات العشر المقبلة، حسبما أبرز تقرير المخاطر العالمية لعام 2024 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.

وكشف تقرير الأمم المتحدة أن لمنطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى دورٌ بارزٌ في التجارة العالمية غير المشروعة بمواد الحياة البرية، ولا سيما في تدفق تلك المواد إلى آسيا.

فعلى سبيل المثال آكل النمل الحرشفي من أشهر الأشياء المستخدمة في الطب الصيني التقليدي، وتشكل ثلث مواد الحياة البرية التي تُهرب إلى آسيا.

وتشكل هذه الحراشف، مع أنياب الفيلة وقرون وحيد القرن، 95% من المواد الحيوانية التي صودرت أثناء تهريبها خارج إفريقيا و72% من المواد الحيوانية التي تُهرب على مستوى العالم، حسبما ورد في التقرير.

وأشار التقرير إلى أنه لا يمكن معرفة حجم الاتجار بالحياة البرية والجرائم المرتبطة به بالكامل، لكن هناك أدلة كافية تؤكد أن هذه لا تزال مشكلة عالمية خطيرة لم تُحل.

ومن أشكال الممارسات غير القانونية الأخرى الجمع غير القانوني للنباتات النضرة وبساتين الفاكهة النادرة، والاتجار بمجموعة واسعة من الزواحف والأسماك والطيور والثدييات. وهنا، يبدو أن التجارة غير المشروعة لعبت "دورًا رئيسيًا في حالات الانقراض المحلية أو العالمية".

 

تعد التجارة غير المشروعة بالحياة البرية أحد أكبر الأنشطة الإجرامية في العالم

 

 

أرقام صادمة

 

وذكر التحليل أن الاتجار بالحياة البرية، كثر بين عامي 2015 و2019، فيما أدت قيود السفر جراء جائحة كورونا (كوفيد-19) إلى تقليص الاتجار بالأجزاء الحيوانية بشدة بين عامي 2019 و2020.

وعاد هذا النوع من التجارة غير المشروعة للارتفاع ببطء وثبات مرة أخرى بعد عام 2020، وقوبل هذا النمو البطيء والثابت بتزايد الاتجار بالمواد النباتية، مثل خشب الورد الإفريقي، بين عامي 2019 و2021.

وكشفت قضايا نظرتها المحاكم في ملاوي في عام 2021، وفي تنزانيا في عام 2023، وفي بقاع أخرى من القارة، عن الروابط بين تجار الحياة البرية وعصابات الجريمة المنظمة الصينية.

وذكر التقرير العالمي لجرائم الحياة البرية أن هذا الوضع يقتضي أن تحدث الجهود المبذولة لكبح جماح الاتجار بالحياة البرية في إطار حملة أوسع لمكافحة الجريمة المنظمة ككل.

في المقابل، يقول أكانكشا خاطري، رئيس قسم الطبيعة في المنتدى الاقتصادي العالمي: "نحن نعتمد على الطبيعة باعتبارها أساس حياتنا اليومية بقدر ما نعتمد على أسس الأعمال والصناعة، وعلى المواد الخام وخدمات النظام البيئي".

 

تعد التجارة غير المشروعة بالحياة البرية أحد أكبر الأنشطة الإجرامية في العالم

 

استغلال ضعف القوانين

 

تظهر الأبحاث التي تتناول جهود إنفاذ القانون أن حملة القمع في دولة ما يمكن أن تدفع الصيادين الجائرين والتجار إلى دول أخرى تضعف فيها القوانين أو يضعف فيها تنفيذ القوانين.

ويقول الباحثون: ”يستغل التجار التناقضات ومواطن الضعف في القوانين وتنفيذها.“

ونوَّه التقرير إلى أن ما تقوم به عصابات الجريمة المنظمة من إفساد السلطات المحلية والوطنية يكمن في صميم الكثير من عمليات الاتجار بالحياة البرية في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ولكن نادراً ما تتعامل الحكومات مع الاتجار بالبشر من هذا الجانب، وإنما تكتفي بالتركيز على قوانين البيئة.

ويقول معدو التقرير: ”ينبغي إيلاء المزيد من الاهتمام لمحاكمة أولئك الذين ينظمون أو يمكّنون الاتجار بالحياة البرية بموجب قوانين تتصدى رأساً للفساد.“ وأضافوا أن القيام بذلك يمكن أن يعزز صلاحيات التحقيق التي يتمتع بها رجال إنفاذ القانون ويفتح الباب أمام تشديد العقوبات على الجرائم البيئية البحتة.

 

تعد التجارة غير المشروعة بالحياة البرية أحد أكبر الأنشطة الإجرامية في العالم

الحراس أيضا مستهدفون

 

لا يتوقف تأثير الاتجار بالحياة البرية على الأنواع الحية نفسها، فكثيراً ما يستهدف الصيادون الجائرون حراس المنتزهات المكلفين بحماية الحياة البرية في إفريقيا.

وفي هذا السياق يكشف تقرير الأمم المتحدة أن أكثر من ألفين و300 حارس قتلوا وهم يقومون بعملهم بين عامي 2006 و2021، وكانت غالبية القتلى في إفريقيا وآسيا.

كما أن السعي لتلبية الطلب على أجزاء الحياة البرية غير المشروعة وبالٌ على البيئة المحلية التي تُصاد بها الحيوانات، وأوضح التقرير أن أجهزة إنفاذ القانون تحتاج إلى موارد أكثر بينما تعمل البلدان الإفريقية على حماية نباتاتها وحيواناتها من تجار الحياة البرية.

ويؤكد أنه حتى عندما تتوفر الإرادة السياسية، فإن الأجهزة المسؤولة عن تنفيذ لوائح تجارة الحياة البرية وتطبيقها قد تفتقر إلى القدرات والموارد التي تحتاجها لتُحسن القيام بعملها.