قصص

نشر في : 31-07-2024

حدثت في : 2024-08-01 15:25:10

بتوقيت ابوظبي

آلاء عمارة

تُطلق السفن كميات كبيرة من غازات الدفيئة، ويبحث العلماء دائمًا عن حل لتلك المشكلة؛ فهل الانتقال إلى وقود الأمونيا هو الحل الملائم؟

عرف الإنسان السفن كوسيلة للترحال ونقل البضائع منذ آلاف السنين، وبمرور الوقت طوّرها لتعمل بالوقود وتصبح أسرع وأقوى من السابق. لكن، ذلك الوقود يتسبب في إضافة انبعاثات كربونية في الغلاف الجوي يومًا بعد يوم، وتُشير التقديرات إلى أنّ انبعاثات غازات الدفيئة من الشحن البحري تُمثل نحو 3% من إجمالي الانبعاثات العالمية. 

لذلك؛ فالتأثيرات السلبية لهذه الصناعة في جودة الهواء، تقود إلى زيادة حالات الوفاة المبكرة بمقدار 100 ألف حالة سنويًا. ومع تزايد نمو الشحن البحري؛ فمن المتوقع أنّ تُمثل انبعاثات النقل البحري نحو 10% من انبعاثات غازات الدفيئة على مستوى العالم بحلول عام 2050. لذلك، يسعى العلماء دائمًا للبحث عن بدائل أقل في الانبعاثات. وكان من ضمن الحلول المقترحة هي الانتقال من الديزل إلى الأمونيا، فهل هي فكرة جيدة؟ 

حاولت مجموعة بحثية من "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" (MIT) إيجاد إجابة لهذا السؤال. وبالفعل خرجوا بنتائج تفيد بوجود خطورة كبيرة في تحويل السفن من استخدام وقود الديزل إلى الأمونيا؛ فقد يؤثر حرق الأمونيا في محركات السفن في جودة الهواء، ما يعود سلبًا على صحة الإنسان، وتتسبب في ما يزيد على 600 ألف حالة وفاة مبكرة سنويًا. ونشر الباحثون ما توّصلوا إليه في دورية "إنفيرومنتال ريسيرش ليترز" (Environmental Research Letters) في 9 يوليو/تموز 2024. 

محاولة 

وفي محاولة لتجنب انبعاثات غازات الدفيئة مثل الكربون، تسعى "المنظمة البحرية الدولية"، التابعة للأمم المتحدة، إلى تحويل قطاع الشحن من الوقود الأحفوري إلى نوع آخر من الوقود المستدام الخالي من الكربون، وكانت الأمونيا من ضمن أنواع الوقود المستدام المرشحة. لكن، أشارت الورقة البحثية التي نشرها علماء "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" إلى ضرورة الحذر من حرق الأمونيا في محركات سفن الشحن؛ لخطورتها على الصحة. 

تسلل إلى الإنسان

ويبرز السؤال الأهم، وهو: "كيف يؤدي احتراق الأمونيا إلى تلوث الهواء؟"، حسنًا، هنا نعود إلى الصيغة الكيميائية للأمونيا (NH3)، والتي يبرز فيها عنصر النيتروجين، وهو عنصر مهم في أكاسيد النيتروجين، مثل غاز ثاني أكسيد النيتروز (N2O)، وهو أحد الغازات الدفيئة القوية، وتأثيره أقوى من ثاني أكسيد الكربون بنحو 300 مرة. من جانب آخر، قد تتسلل الأمونيا غير المحترقة إلى الغلاف الجوي في صورة مواد جسيمة، عندما يستنشقها الإنسان؛ تتسبب في مشكلات صحية، مثل: السكتات الدماغية والنوبات القلبية وغيرها. وبالتالي زيادة حالات الوفاة المبكرة كل عام بنحو 681 ألف حالة إضافية. 

محاكاة 

أجرى الباحثون عدة تصميمات لسيناريوهات مختلفة، وكان على الباحثين استخدام بيانات مسار السفن للوصول إلى نتائج، لكن لم تتوفر هذه البيانات لعدم وجود سفن تبحر معتمدة على وقود الأمونيا حتى الآن، لكنهم اعتمدوا على البيانات التجريبية، واستخدموها في قياس تأثيرات التلوث على الصحة العامة. ووجدوا أنّ وضع الأمونيا في سياق الوقود المستدام دون اتخاذ بعض الإجراءات الأخرى، قد لا يكون فكرة جيدة على الإطلاق، بل تصحبه مخاطر عديدة سواء على مستوى صحة الإنسان أو تفاقم الاحتباس الحراري. 

بارقة أمل

مع ذلك، يرى العلماء بارقة أمل في تقليل هذا العدد من حالات الوفاة المبكرة الناتجة عن استخدام الأمونيا كوقود في سفن الشحن، لتصبح 66 ألف حالة. بالإضافة إلى تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عنها. وذلك عبر توظيف التكنولوجيا؛ ففي الظروف الطبيعية، تُصنع الأمونيا عبر نزع الهيدروجين من الغاز الطبيعي، بعد ذلك يُدمج مع النيتروجين في درجات حرارة مرتفعة. وتنتج عن هذه العملية كميات كبيرة من انبعاثات غازات الدفيئة. لذلك يقترح العلماء إنتاج الأمونيا باستخدام الطاقة المتجددة، بطرائق مختلفة مثل التحليل الكهربائي وتوليد الحرارة، ما يقلل الانبعاثات وكذلك المخاطر الصحية المتعلقة. 

يرى مؤلفو الدراسة أنّ تطبيق الأمونيا كوقود مستدام في سفن الشحن، يجب أن يتم بالتزامات محددة، تتضمن اللوائح والقوانين الصارمة، وكذلك توظيف تكنولوجيا الطاقة المتجددة في إنتاج الوقود المستدام؛ خاصة أنّ غاز ثاني أكسيد النيتروز قد يتسرب إلى الغلاف الجوي ويبقى هناك لأكثر من 100 عام. وإذا سقط على الأرض؛ فسيُضر بالبيئة.