من جانب آخر، تبرز حالات انفصال الجليد عن الجرف الجليدي، وينتج عن هذا تكوين جبال جليدية، وتُسمى تلك العملية في بعض الأحيان بـ"ولادة الجبل الجليدي".
وهذا أمر شائع، يحدث باستمرار، وازداد مؤخرًا بسبب التغيرات المناخية. وفي هذه الحالة، قد يُولد جبل جليدي ضخم أو صغير. أما الجبال الجليدية الصغيرة؛ فأمرها واضح بالنسبة للعلماء، لكن التحدي الأكبر الذي واجه العلماء هو فهم أحداث تكوين الجبال الجليدية الضخمة التي تحتاج إلى ولادتها انفصال نحو 100 كيلومتر مربع من الجليد. يرجع هذا لعدة تحديات، أهمها أنّ تكوين الجبال الجليدية الضخمة حدث نادر. تمامًا مثل الأحداث الطبيعية التي قد تحدث مرة في القرن.
وفي هذا الصدد، ظهرت مجموعة باحثة من جامعة فلوريدا بفكرة جديدة لفهم تلك الظاهرة، ومدى تأثير المناخ على تكوين الجليد في القارة القطبية الجنوبية. ونشر الباحثون دراستهم في دورية "جيوفيزيكال ريسرش ليترز" (Geophysical Research Letters) في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
صعوبات
تحدث عملية تكوين الجبال الجليدية ببطء، وفي أغلب الأحيان، تبدأ بشقوق صغيرة، تنتشر عبر الجرف الجليدي، بعد ذلك تنفصل عنه. يستطيع الباحثون الاطلاع ومتابعة تطور تلك الشقوق عبر الأقمار الاصطناعية، لكن ما زالت التحديات القائمة بسبب عشوائية تلك الشقوق، ما يُصعب التنبؤ بمواعيد أحداث الانهيار الجليدي الكبيرة.
حل!
باستخدام 47 عامًا من بيانات الأقمار الاصطناعية، من عام 1976 إلى 2023، طبق الباحثون نوعا من التحليل الإحصائي يُسمّى "القيمة القصوى"، يُستخدم في العادة عند دراسة الكوارث الطبيعية النادرة، وباعتبار أحداث تكوين الجبال الجليدية الضخمة نادرة، رأى الباحثون أنه من الممكن تطبيق ذلك التحليل الإحصائي على تلك الأحداث أيضًا باعتبارها نادرة الحدوث.
وماذا وجدوا؟
استطاع الباحثون بناء نموذج للتنبؤ باحتمالية حدوث الانهيارات الجليدية وأحجامها. ووجدوا أنّ حجم الجبل الجليدي المتكون نتيجة الانهيار الجليدي خلال العقد الواحد قد يصل إلى 6100 كيلومتر مربع، وهذا يُعد من الجبال الصغيرة نسبيًا. أما في حال الانهيارات الجليدة الضخمة التي تحدث مرة واحدة في القرن؛ فقد تبلغ مساحته نحو 45 ألف كيلومتر مربع.
يرى مؤلفو الدراسة أيضًا أنّ الانهيارات الجليدية التي تكوّن الجبال الجليدية الضخمة، ليس من الضروري أن ترتبط بالتغيرات المناخية، ومن المحتمل أنها تقع ضمن دورات طبيعية أكبر وأعمق.