تلعب المحيطات دورًا محوريًا في استقرار الحياة على سطح الأرض؛ فهي جزء أساسي من دورة المياه، وتضم أنواعا هائلة حية وأنظمة بيئية متكاملة.

في أقصى الجنوب، هناك حيث القارة الجليدية غير المأهولة بالسكان، فقط بعض القواعد وضعتها الدول الكبرى لأغراض الدراسة، تعيش العديد من الأنواع الفريدة، لكن حياتها مهددة بسبب انهيار الغطاء الجليدي، الذي يُفقد القارة القطبية الجنوبية ثوبها الأبيض يومًا بعد يوم؛ فوفقًا لـ"الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء" (NASA)، تفقد القارة القطبية الجنوبية نحو 150 مليار طن سنويًا من غطائها الجليدي؛ بسبب بعض العوامل، لعل أبرزها ارتفاع درجات الحرارة، ما يتسبب في ارتفاع مستوى سطح البحر وتهديد التنوع البيولوجي.

وفي هذا الصدد، أشارت دراسة نُشرت مؤخرًا في دورية "إنفيرونمنتال ريسرش ليترز" (Environmental Research Letters) في 28 يناير/كانون الثاني 2025، إلى أنّ درجات حرارة أسطح المحيطات ترتفع أسرع 4 مرات من السابق، وهذا نذير خطر.

ارتفاع غير مسبوق!

استند الباحثون في دراستهم إلى بيانات الأقمار الاصطناعية منذ عام 1985، ووجدوا أنّ درجات حرارة المحيطات التي كانت ترتفع بمعدل 0.06 درجة مئوية لكل عقد في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، صارت الآن ترتفع بمعدل 0.27 درجة مئوية في كل عقد؛ أي أعلى من السابق بمعدل 4 مرات.

كيف؟

فسّر الباحثون تلك النتائج بأنّ الاحترار العالمي المتسارع تسبب في إحداث بعض الاختلال لتوازن الطاقة على الأرض، حيث يمتص نظام الأرض الكثير من الطاقة، أكثر من تلك التي تهرب مرة أخرى إلى الفضاء الخارجي، يرجع هذا إلى تزايد غازات الاحتباس الحراري التي تحبس الحرارة. وقد تضاعف هذا الخلل منذ عام 2010.

من ضمن النتائج الأخرى التي لفتت نظر الباحثين، هي أنّ درجات حرارة المحيطات العالمية قد ارتفعت أعلى من مستوياتها القياسية لمدة 450 يومًا عام 2023 إلى أوائل 2024. وجزء من هذا الارتفاع في الحرارة كان بسبب ظاهرة النينيو، وهي ظاهرة تحدث بصورة طبيعية. لكن عندما قارن الباحثون تلك النتائج مع ظاهرة النينيو التي حصلت في عامي 2015 و2016، وجدوا أنّ ارتفاع الحرارة هذه المرة أعلى من السابق، وأرجوا الزيادة إلى ارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية خلال السنوات السابقة.

يرى مؤلفو الدراسة أنّ الاحترار العالمي خلال هذه الفترة، قد أسهم بصورة كبيرة إلى أخذ وتيرة ارتفاع حرارة المحيطات إلى طريق أكثر سخونة، ما يهدد النظام البيئي الأرضي؛ لذلك من الضروري التصدي لأزمة المناخ.