إنّ الحفاظ على الحياة البرية والتنوع البيولوجي فيها من أهم أولويات دعم النظام البيئي والحفاظ على توازنه.
وفي ظل التغيرات المناخية، والارتفاع المطرد في درجات الحرارة، أرادت مجموعة بحثية من جامعة ميشيغان بالولايات المتحدة الأمريكية دراسة مدى تأثير ارتفاع درجات الحرارة على مناعة قرود الكبوشاوات البرية. ووجدوا تأثيرات سلبية للحرارة المرتفعة في الأداء المناعي لتلك القردة، خاصة صغار السن. ونشر الباحثون نتائجهم في دورية "ساينس أدفانسيز" (Science Advances) في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
في كوستاريكا
أجرى الباحثون دراستهم على قردة الكبوشاوات في محمية غابة تابوجا في كوستاريكا، في أمريكا الوسطى، وتتميز تلك القرود بمرونتها وقدرتها على العيش في المناخات والبيئات المختلفة. لذلك، وقع عليها الاختيار من أجل الدراسة. راح الباحثون يجمعون بول القردة؛ لقياس كمية النيوبترين (Neopterin) فيه، وهو مؤشر على أداء الجهاز المناعي. وأخذوا درجات الحرارة التي تعرضت لها القرود في الأيام والأسابيع التي سبقت جمع البول.
مرونة أقل!
كانت النتيجة مفاجئة، خصوصاً أنّ القردة من الثدييات المعروفة بمرونتها وقدرتها على تنظيم درجات حرارتها الداخلية تماشيًا مع التغيرات في درجات الحرارة المحيطة. لكن تفاجأ الباحثون عندما وجدوا أنه عندما تعرضت القرود لنحو 86 درجة فهرنهايت؛ أي 30 درجة مئوية لمدة أسبوعين تقريبًا، انخفض أداء نظامها المناعي العام. وهذا بدوره يؤثر في نشاط الجهاز المناعي في حال وجود تهديد فعلي. لاحظ الباحثون أيضًا أنّ القرود الصغيرة في السن كانت أكثر تأثرًا مقارنة ببقية الفئات العمرية الأخرى من القرود.
علامة استفهام
ما زالت هناك العديد من علامات الاستفهام حول العلاقة بين ارتفاع درجات الحرارة والتأثيرات طويلة المدى على الجهاز المناعي لأنواع الحيوانات البرية المختلفة، ومدى تأثير ذلك في صحة الثدييات. يحتاج الباحثون أيضًا إلى التعمق فيما إذا كانت درجات الحرارة المرتفعة تؤثر بالقدر نفسه في أداء النظام المناعي للبشر وصحتهم.
كما تُلقي الدراسة الضوء على ضرورة دراسة فسيولوجيا الحيوانات البرية في ظل سيناريوهات ارتفاع درجات الحرارة والتغيرات التي يمر بها الكوكب اليوم؛ فهذا مهم من أجل الحفاظ على التنوع البيولوجي وتجنب إخلال النظام البيئي، فكل كائن حي لديه دور في تكامل ذلك النظام الدقيق وتوازنه.