تقارير وتحليلات

نشر في : 27-11-2024

تاريخ التعديل : 2024-11-28 00:50:54

أحمد جمال أحمد

من إقامة جدران بحرية إلى بيع الجنسية، تتخذ الجزر الصغيرة المعرضة للخطر تدابير جذرية في بعض الأحيان لحماية نفسها من ارتفاع مستوى سطح البحر والعواصف والدمار الاقتصادي.

ولعقود من الزمن، حذر العلماء من أنه دون اتخاذ إجراءات لمكافحة الانبعاثات، ستختفي بعض الجزر المنخفضة حرفيًا تحت الأمواج.

وستصبح العديد من الجزر الأخرى غير صالحة للسكن مع تزايد تأثير الطقس المتطرف على سواحلها، بحسب "بي بي سي".

خطر وشيك

ومع اقتراب العالم من متوسط ارتفاع درجة الحرارة على المدى الطويل بمقدار 1.5 درجة مئوية، أصبحت هذه التحذيرات احتمالًا وشيكًا للغاية لبعض الدول الجزرية.

فقد فُقدت خمس جزر صغيرة في جزر سليمان -وهي دولة تضم مئات الجزر في جنوب المحيط الهادئ- تمامًا بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر.

وتشهد العديد من الدول الجزرية الصغيرة النامية خسائر اقتصادية سنوية كبيرة بسبب الفيضانات الساحلية.

وبحلول عام 2050، من المقرر أن تتضاعف الفيضانات الساحلية ثلاث مرات عبر هذه الدول، مما يزيد الأضرار الاقتصادية السنوية من 9 إلى 11 مرة.

وأصبحت الجزر الصغيرة صوتًا قويًا في المنتديات الدولية، حيث دفعت نحو سياسات مناخية أكثر طموحًا للحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية، وكانت عنصرًا أساسيًا في اتفاق باريس لعام 2015 لمواصلة الجهود الرامية إلى الحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية.

البقاء فوق الأمواج

لكنها تواجه بشكل متزايد بعض الخيارات الصعبة حول كيفية البقاء فوق الأمواج، وكذلك في مساعيها الدبلوماسية للحصول على المال لمواجهة مناخ غير مؤكد بشكل متزايد.

وفي كلمته في الجلسة الختامية لمؤتمر الأطراف التاسع والعشرين في باكو بأذربيجان، قال سيدريك شوستر، رئيس تحالف الدول الجزرية الصغيرة من ساموا، للمندوبين، إن "الوقت ليس في صالحنا"، وحثهم على تنفيذ خطط مناخية طموحة.

وما بين استصلاح الأراضي من البحر إلى بيع الجنسية، سلطت بي بي سي الضوء على بعض التدابير التي تم اتخاذها بالفعل لإنقاذ هذه الدول الجزرية في مواجهة أزمة المناخ.

زيادة اليابسة الصناعية

مع ارتفاع مستويات سطح البحر، كان ضمن أبرز الإجراءات، خلق أرض جديدة لجزر التي بدأت تختفي.

وهذا هو النهج الذي تتبعه جزر المالديف، وهي أرخبيل منخفض يتألف من 1200 جزيرة يقع على بعد نحو 400 ميل (644 كيلومترًا) جنوب الهند.

وتتمتع جزر المالديف بأدنى تضاريس من أي دولة في العالم، وخلصت الدراسات إلى أن الفيضانات هنا قد تصبح في النهاية مرتفعة للغاية بحيث لا تدعم السكن، مما يؤدي إلى الهجرة الحتمية بعيدًا عن الجزر.

وفي محاولة لحماية نفسها ودعم السكان المتزايدين وتنمية اقتصادها، تعمل جزر المالديف منذ عقود من الزمان على مشروع ضخم لاستعادة اليابسة للجزء التي تواجه الغرق.

ووفقًا لإحدى الأوراق البحثية، فإن ما لا يقل عن 186 من جزرها البالغ عددها 1149 جزيرة بها بعض الأراضي التي يتم تجديدها، والمزيد من المشاريع في الطريق.

وتشمل عملية تدعيم الجزر واستعادة اليابسة، تجريف الرواسب من قاع المحيط لتمديد السواحل.

ولكن كان هناك قلق من العلماء والسكان المحليين وجماعات حقوق الإنسان بشأن التأثيرات البيئية والاجتماعية لهذه الممارسة.

نظرا إلى أن هذه العملية قد تكون مضرة بالنظم البيئية الساحلية الطبيعية مثل الشعاب المرجانية وأشجار المانغروف، والتي تشكل في حد ذاتها أهمية كبيرة لمرونة السواحل في الجزر المنخفضة.

كما تتحول الشواطئ الطبيعية إلى شواطئ اصطناعية، مما يؤدي إلى تآكل السواحل بشكل أكبر.

المصدات البحرية

يأتي أيضا ضمن التدابير الأكثر شيوعاً المستخدمة في الجزر لحماية السواحل بناء الجدران البحرية، وهي تَعِد بفائدة مزدوجة تتمثل في منع انزلاق التربة، وتآكل السواحل، وحماية الخط الساحلي من الأمواج والفيضانات.

ومع ذلك، فإن الجدران البحرية المبنية بشكل رديء قد تنهار، ففي جزر المحيط الهندي مثل سيشل، تنتشر الجدران البحرية المكسورة والحواجز البحرية على طول الشواطئ، وفقاً للجنة الدولية لوقاية البيئة.

ويمكن للجدران البحرية أن تنقل مشكلات تآكل الخط الساحلي وغمر الأراضي المنخفضة إلى أماكن أخرى، ففي إحدى الحالات، لم يكن الجدار البحري الذي أقيم لحماية قرية في ساموا طويلاً بما يكفي لحماية جميع المنازل، مما دفع بعض الأسر إلى مواجهة تأثيرات متزايدة من الأمواج الكبيرة.

توفير التمويل ببيع الجنسيات

الإجراءات المذكورة سلفا دون شك تتطلب المال، ومن الصعب الحصول على المبالغ المتزايدة اللازمة لمثل هذه الحماية بالنسبة لهذه الجزر، وفي بعض الحالات كانت تلجأ بعض الجزر لبيع جنسيتها للحصول على هذا التمويل.

مع العلم بأن ارتفاع مستوى سطح البحر لا يعتبر التهديد المناخي الوحيد للدول الجزرية المنخفضة، وتعد جزيرة دومينيكا الكاريبية المعرضة بشدة للكوارث إحدى الدول التي تتبنى استراتيجية غير عادية ومحفوفة بالمخاطر هنا.

وفي سبتمبر/أيلول 2017، بعد وقت قصير من تعرض دومينيكا لإعصار ماريا الذي اشتد بسرعة والذي بلغت قوته خمس درجات والذي كلّفها نحو 1.3 مليار دولار (مليار جنيه إسترليني)، أو 226% من ناتجها المحلي الإجمالي، تعهدت البلاد بأن تصبح "أول دولة قادرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ في العالم".

وقال رئيس وزراء دومينيكا، روزفلت سكيريت للجمعية العامة للأمم المتحدة في ذلك الوقت: "لقد بلغ الدمار الذي لحق بنا حدا كبيرا لدرجة أن تعافينا لا بد أن يكون كاملا".

وأضاف أن الموقف يمثل فرصة فريدة، وإن لم تكن مختارة، لتكون مثالا للعالم حول كيفية "تعافي أمة بأكملها من الكارثة" و"أن تكون قادرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ في المستقبل".

ولقد وضعت دومينيكا بسرعة خطة لتحسين قدرتها على الصمود في مواجهة المناخ وإدارة الاستجابة للكوارث المستقبلية بشكل أفضل، وركزت البلاد على تطوير بنيتها الأساسية لمراقبة الطقس والمياه وأنظمة الإنذار المبكر بالكوارث.

لكن الجزء غير المعتاد هو مصدر الأموال التي تستخدمها لتمويل الكثير من هذه المشروعات الوقائية، وذلك عبر بيع الجنسية.

وتبيع دومينيكا جوازات السفر، بما في ذلك للأشخاص الذين لم تطأ أقدامهم دومينيكا قط، منذ التسعينيات.

وبعد مضاعفة السعر مؤخرًا، أصبح يكلف الآن 200 ألف دولار (160 ألف جنيه إسترليني)، عن طريق التبرع لصندوق التنمية الاقتصادية، أو الاستثمار العقاري.

وقد تضخمت إيرادات البرنامج في السنوات الأخيرة، حيث بلغت إيراداته ما بين 25% و30% من الناتج المحلي الإجمالي.