تحقق

نشر في : 08-08-2023

حدثت في : 2024-03-01 11:01:24

بتوقيت ابوظبي

Ahmed Sami

سيجتمع قادة 8 دول أمازونية بالبرازيل على أمل الاتفاق بشأن استراتيجيات مشتركة لحماية غابات الأمازون المطيرة وتطوير المنطقة بشكل مستدام.

تستضيف البرازيل واحدة من أهم الاجتماعات الدولية لمناقشة مستقبل غابات الأمازون المطيرة والكوكب بأكمله، تحت عنوان "قمة الأمازون"، والمقرر عقدها يومي 8 و9 أغسطس/آب، في مدينة بيليم بولاية بارا، بحضور عدد من رؤساء الدول والحكومات.

يسبق القمة اجتماعًا أخر، بعنوان "حوارات الأمازون"، الذي بدأ بالفعل في 4 أغسطس/آب، وينتهي اليوم الأحد، في نفس المكان، بهدف مناقشة وتقديم اقتراحات وحلول لمواجهة التحديات الرئيسية للغابات المطيرة وشعوبها.

ستعرض نتيجة حوارات الأمازون والوثائق الناتجة عنها على قادة الدول الثمانية خلال القمة الرئاسية، لتحديد الأولويات التي يتعين تنفيذها في المنتديات الأخرى مثل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومؤتمر الأطراف الثامن والعشرين بدبي نهاية العام الجاري.

من المتوقع أن يحضر القمة الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة بدولة الإمارات، الرئيس المعيَّن لمؤتمر الأطراف COP28، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، نيابة عن غيانا الفرنسية، إلى جانب المبعوث الأمريكي الخاص المعني بتغير المناخ جون كيري.

أزمة الأمازون

تعد غابات الأمازون بمثابة الرئة الخضراء للأرض، وتمثل أكثر من نصف الغابات المطيرة المتبقية على كوكب الأرض، والحاضنة الأهم لأكبر تنوع بيولوجي في العالم، حيث تمثل وحدها 10% من إجمالي الكتلة الحيوية للكوكب.

تخزن غابات الأمازون المطيرة والغابات الاستوائية الأخرى ما بين 90 و140 مليار طن من الكربون، وتساعد بذلك على استقرار المناخ العالمي.

كما تنتج كميات هائلة من المياه، تسمى بـ"الأنهار الطائرة”، تنقل المياه والرطوبة لأمريكا الجنوبية بأكملها.

يقع الجزء الأكبر منها في البرازيل، وتمتد داخل 7 دول أخرى في أمريكا الجنوبية: بوليفيا وكولومبيا والإكوادور وغيانا وبيرو وسورينام وفنزويلا.

في جميع أنحاء الأمازون، يعود سبب فقدان الغابات إلى حد كبير إلى التوسع في الاستيلاء على الأراضي وتربية الماشية والزراعة، إلى جانب التعدين غير القانوني وقطع الأشجار.

تظهر الدراسات الحديثة أن 17% من غابات الأمازون قد تم إزالتها بالفعل، وأن 38% من الغابات المتبقية قد تدهورت.

في البرازيل، أكبر دولة مصدرة في العالم للحم البقر والصويا، تسبب تدمير الغابات في خسارة نحو خُمس الغابة الاستوائية المطيرة.

يمثل التعدي على غابات الأمازون صداعًا مزمنًا في رأس العالم، لأن انهيار النظم البيئية بالأمازون، قد يؤدي إلى كارثة بيئية ومناخية بكل المقاييس، يدفع ثمنها الكوكب بأكمله.

في مطلع 2023، تولى لولا دا سيلفا رئاسة البرازيل، مع وعود بمواجهة التدهور البيئي الذي تسبب فيه سلفه، الرئيس السابق جاير بولسونارو، والذي عرف بأجندته المناهضة للبيئة، حيث سجلت البرازيل في عهده أعلى ارتفاع في الانبعاثات منذ ما يقرب من عقدين.

تعاون الأمازون

تعهد لولا بالقضاء على إزالة الغابات غير القانونية بحلول عام 2030 بعد أن وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ 15 عامًا في منطقة الأمازون تحت حكم سلفه اليميني المتطرف، الذي لم يحضر آخر قمة إقليمية كبرى بشأن حماية الأمازون استضافتها كولومبيا في عام 2019.

لأجل ذلك، دعا الرئيس البرازيلي لعقد قمة الأمازون، بحضور رؤساء الدول التي تتقاسم الأمازون، بالإضافة إلى ممثلين دوليين آخرين، بهدف تعزيز منظمة معاهدة التعاون في منطقة الأمازون (ACTO) وتجديد معاهدة التعاون بين دولها.

منظمة معاهدة تعاون الأمازون ACTO هي المسؤولة عن تنظيم القمة، وهي منظمة حكومية دولية تتألف من البرازيل وبوليفيا وكولومبيا والإكوادور وغيانا وبيرو وسورينام وفنزويلا، وهي البلدان التي شكلت الكتلة الاجتماعية والبيئية الوحيدة في أمريكا اللاتينية من خلال التوقيع على معاهدة التعاون في منطقة الأمازون في عام 1978.

 

أشار الرئيس البرازيلي إلى قمة الأمازون باعتبارها علامة فارقة لمرحلة جديدة في التعاون بين أعضاء منظمة معاهدة التعاون في منطقة الأمازون (ACTO).

وقال: "مع استئناف الحوار الإقليمي والعلاقات بين الكيانات والهيئات الحكومية للدول المشاركة، ستحدد البلدان بشكل مشترك السياسات والالتزامات المشتركة للتنمية المستدامة في المنطقة".

أضاف: "ما نريده هو إخبار العالم بما سنفعله بغاباتنا وما يجب أن يفعله العالم لمساعدتنا".

جدول الأعمال

على مدار الأيام الثلاثة للقمة، ستعمل الدول على وضع نهج موحد لحماية الغابات المطيرة وسكانها، ووقف الجريمة وإزالة الغابات وتعزيز التنمية المستدامة في جميع أنحاء المنطقة.

من المتوقع أن يتم تضمين بند بشأن تأسيس برلمان أمازون، بمشاركة جميع الدول التي تشترك في المنطقة الأحيائية، في الوثيقة النهائية، وفقًا لمنفذ الأخبار البرازيلي.

من المرجح أن تنتج القمة خارطة طريق لمعالجة الوجود القوي المتزايد للجريمة المنظمة، خاصة في منطقة الأمازون الحدودية الثلاثية بين كولومبيا والبرازيل وبيرو.

قالت أيالا كولاريس كوتو، الجغرافيّة والباحثة في المنتدى البرازيلي للسلامة العامة: "إن إحدى أكبر المشاكل التي واجهتها هذه البلدان لفترة طويلة هي قضية الجريمة المنظمة، لذا من الضروري توحيد الأجندة وخلق منظور لمكافحتها بشكل مشترك".

كما سيكون الاقتصاد الحيوي والتنمية المستدامة على جدول الأعمال، وفق ما صرح أندريه كورييا دو لاغو، وزير المناخ والبيئة البرازيلي.

ستناقش القمة أيضًا نتائج حوارات الأمازون التي عقدت خلال اليومين الماضيين، لصياغة تقارير من قبل ممثلي المجتمع المدني في منطقة الأمازون ليتخذ القادة قرارات بشأنها في بيانهم الختامي، وفق ما أكده مارسيو ماكدو، وزير الأمانة العامة للرئاسة، الذي يشارك في الحدثين.

وأضاف: "ستعرض التقارير الواقع بأكمله الذي يواجهه السكان الأصليون، وسكان ضفاف النهر، والنساء، والسود، والشباب في هذه المناطق التي تزيد مساحتها عن 7 ملايين كيلومتر مربع".

ضم البرنامج الرسمي لـ "حوارات الأمازون" مجموعة من ثماني جلسات عامة، حضرها أكثر من عشرة آلاف شخص، للنقاش بشأن قضايا مثل تغير المناخ؛ الإيكولوجيا الزراعية والاقتصاد البيولوجي الاجتماعي في المنطقة؛ حماية الإقليم وشعوبه؛ وغيرها من القضايا.

بالإضافة إلى الجلسات العامة، أقيم أكثر من 400 نشاط، نظمته الحركات الاجتماعية أو الكيانات أو المنظمات العامة والخاصة المشاركة في الحدث.

أهداف القمة

يعتبر الالتزام بين دول الأمازون للعمل معًا لمعالجة قضايا الغابات المطيرة الملحة خطوة حاسمة إلى الأمام في النقاش العالمي حول المناخ المحيط بالانبعاثات وإزالة الغابات.

لذا تهدف القمة، بشكل أساسي، إلى إحياء منظمة معاهدة التعاون في منطقة الأمازون (ACTO) التي تأسست في 1995، لتصبح المنظمة الرائدة لتنسيق السياسات والتمويل.

كما تسعى لوضع حد للأسئلة حول مستقبل ميثاق ليتيسيا، وهي اتفاقية تعاون لحماية الأمازون، تم توقيعها في عام 2019، في مدينة ليتيسيا، كولومبيا، بين دول الأمازون.

يتضمن ميثاق ليتيسيا 16 بندًا ملزمًا لبلدان الأمازون، أبرزها مكافحة إزالة الغابات وتدهورها، بما في ذلك من خلال آليات التعاون الإقليمي وتبادل المعلومات بشأن الأنشطة غير المشروعة، بالإضافة إلى تعزيز تحسين آليات الرصد الغطاء الحرجي والتنوع البيولوجي وموارد المياه والمناخ.

واجه الميثاق انتقادات واسعة من الحركات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني الأخرى، باعتباره ليس أكثر من قائمة رغبات لا تقدم أهدافًا واضحة وإجراءات فعالة يتعين اتخاذها، ولم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن.

من المتوقع في هذا الصدد إعلان القادة خلال القمة لاتفاقية جديدة، تتغلب على أوجه القصور في ميثاق ليتيسيا، وإنشاء مرحلة جديدة من التعاون للمنطقة، من خلال الاستراتيجيات والإجراءات الملموسة التي تضمن استدامة الأمازون وحماية الشعوب والمجتمعات والكائنات الموجودة بها.

كما يتوقع الخبراء أن تؤدي القمة إلى اتفاقية مشتركة وخطة عمل للتنمية المستدامة لمنطقة الأمازون بأكملها، بهدف تقديمها للأطراف في COP28، الذي سيعقد في دولة الإمارات العربية المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 2023.

وقال مادورو بيسيرا أحد المراقبين والمتوقع حضوره للقمة: "مقياس نجاح القمة سيتحدد في حال نجحت دول الأمازون، وكذلك المجتمع الدولي، في حشد التمويل والموارد الاقتصادية لحماية الأمازون".

القمة و COP28

خلال افتتاح الاجتماع السادس والعشرين لمنتدى ساو باولو في برازيليا في 29 يونيو/حزيران، أعرب الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا عن نيته في تحقيق موقف موحد لدول منطقة الأمازون في أمريكا الجنوبية في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP28 هذا العام.

وصرح لولا قائلاً: "إننا نهدف إلى وضع سياسة جماعية بين دول أمريكا الجنوبية الثمانية للوصول إلى الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف مع وضع قوي في الدفاع عن الدول التي تحافظ على غاباتها، مثل تلك الموجودة في أمريكا الجنوبية".

لذلك يدفع الرئيس البرازيلي نحو إعلان مشترك خلال القمة المقبلة، لتقديمه في مؤتمر المناخ للأمم المتحدة COP28.

وقال الرئيس البرازيلي: "سيتعين علينا أن نطالب معًا الدول الغنية بالوفاء بالتزاماتها"، مشددًا أيضا على الحاجة لجبهة مشتركة لممارسة الضغط على الدول المتقدمة.

تعليقًا على ذلك، قال الدبلوماسي البرازيلي المتقاعد كارلوس ألفريدو لازاري، المدير التنفيذي لـ ACTO: "سيمثل الحدثان صوتًا أمازونياً شاملاً تسمعه جميع البلدان".

وأضاف: "أعتقد أن نتائج القمة ستعزز بعدها الإقليمي في خطاب رؤساء الدول خلال أحداث أخرى مثل COP28 في دولة الإمارات العربية المتحدة واجتماعات G20".

ومن جانبها، قالت الدكتورة أميرة الخلايلي أستاذ الاقتصاد البيئي والاجتماعي بجامعة ساو باولو، إن القمة بمثابة استعداد وتمهيد لمؤتمر COP28 بدبي، وكذلك COP30 المقرر عقده في البرازيل.

وأضافت، في تصريحات خاصة للعين الإخبارية: "من هنا تأتي أهمية مشاركة رئيس الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف، الدكتور سلطان الجابر، لأنها بجانب أنها تمثل تقاربا دبلوماسيا مع الدول العربية، فهي أيضًا تمهد لمفاوضات المناخ المقبلة والمهمة بالنسبة للأمازون".

جدير بالذكر أن الدكتور سلطان الجابر، اتفق مع الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، في العاصمة الفرنسية باريس، يونيو/حزيران الماضي، على توحيد الجهود لتقديم استجابة شاملة لمعالجة القضايا المترابطة، المتمثلة في إزالة الغابات وفقدان التنوع البيولوجي وتغير المناخ.