يؤثر التغير المناخي في التنوع البيولوجي البحري، ويكشف العلماء الستار عن هذا يوما بعد يوم.
وفي هذا الصدد، أجرت مجموعة بحثية من جامعة بريستول في إنجلترا دراسة لمعرفة التأثيرات الحاصلة لأسماك المياه العذبة؛ نتيجة التغيرات المناخية. ووجدوا أنّ تباينًا في أعداد الأسماك في المياه العذبة بالقطبين أو خط الاستواء. ونشر الباحثون دراستهم في دورية "بروسيدنجز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينسز" (Proceedings of the National Academy of Sciences) في 9 ديسمبر/كانون الأول 2024.
لم تكن الاستجابة المناخية للأنواع التي تعيش في المياه العذبة واضحة بصورة كافية من قبل، وهذا ما أخذ الباحثون على عاتقهم كشفه. لذلك، استخدم الباحثون بيانات لأكثر من 600 نوع من الأسماك بين عامي 1958 حتى 2019. وأخذوا بالاعتبار درجات الحرارة خلال تلك الفترات الزمنية؛ لدراسة مدى تأثر الأسماك بالتغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة خلال العقود الماضية، خاصة أنّ درجات الحرارة قد ارتفعت بمعدل 0.21 درجة مئوية لكل عقد، وفي محاولة الأنواع البحرية للبحث عن موائل مناسبة حراريًا، تلجأ إلى الهجرة، وتبدأ أشكالًا أخرى من الاستجابة.
ماذا وجدوا؟
وجد الباحثون أنّ أعداد الأسماك في المياه العذبة عند القطبين أكبر من نظيرتها عند خط الاستواء مع ارتفاع درجات الحرارة؛ نتيجة الاحترار العالمي. ولاحظ العلماء أيضًا أنّ الأنواع المهاجرة ذات الأحجام الكبيرة مثل سمك السلمون الأطلسي قد ازدادت أعدادها بصورة ملحوظة بالقرب من القطبين. ويرى مؤلفو الدراسة أنّ الاحترار العالمي من المتوقع أن يتسبب في تغيرات واسعة في توزيع الأنواع بالمجتمعات النهرية.
المياه العذبة
تضم المياه العذبة تنوعا بيولوجيا هائلا، وتستوعب أنواعًا كثيرة من الأسماك والمخلوقات البحرية التي يعتمد عليها الإنسان في غذائه. وهي جزء مهم من حضارة وثقافات المجتمعات الإنسانية؛ فمن المعروف أنّ أغلب حضارات العالم القديم قامت حول الأنهار العذبة. وما زالت تعتمد عليها العديد من الفئات السكانية في غذائها وحياتها واقتصادها، ما يعني أنّ أي تغير يطرأ على تلك النظم البيئية بما فيها من أنواع، سيؤثر سلبًا على حياة الإنسان، بل على النظم البيئية الأخرى.
لذلك، يأمل مؤلفو الدراسة اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة للتخفيف من آثار التغيرات المناخية، ووضع استراتيجيات فعّالة للحفاظ على المجتمعات البحرية.