على الرغم من أنّ القطب الشمالي يتمتع ببيئة طقسية قاسية، لا تستطيع الكثير من الكائنات الحية العيش هناك، إلا أنه -بالفعل- توجد الكثير من الكائنات الحية التي تعيش في تلك المناطق الباردة، بل إنها لا تستطيع التكيف إلا مع الظروف الطقسية المتطرفة هناك.
وهذا يعني أنها تملك صفات فريدة، ما يتطلب الحفاظ عليها. لكن مع تفاقم ظاهرة الاحترار العالمي، زاد التهديد على شتى أشكال الحياة هناك. الأمر الذي دفع مجموعة بحثية من جامعة إكستر بالتعاون مع جامعتي لافال وكونكورديا، للبحث في مدى تأثر مجتمعات الميكروبات في المحيط القطبي الشمالي بالاحترار العالمي وارتفاع درجات الحرارة الذي ينتج عنه تراجع الغطاء الجليدي، وتوّصلوا إلى أنّ هناك مخاطر محتملة، ونشروا ما توّصلوا إليه في دورية "ساينتفيك ريبورتس" (Scientific Reports) في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
فحص
ترتفع درجات الحرارة في المنطقة القطبية الشمالية مرتين أعلى من بقية المناطق على سطح الكوكب، وهذا يعني زيادة في معدلات ذوبان الجليد. لذا كان من الضروري دراسة وفهم مدى تأثر ميكروباتها بهذه الظروف. وبالفعل، حصل العلماء على عينات من 4 بيئات في بحر بوفورت قبالة كندا، وهي: مصب الأنهار، السواحل، المحيط المفتوح، تحت الجليد البحري. وفحصول العينات واستخرجوا منها الحمض النووي الريبوزي (RNA)؛ لمعرفة الميكروبات في تلك العينات.
ماذا وجدوا؟
إنّ مجتمعات الميكروبات تحت الجليد نادرة ومحددة، وتكوّن مجتمعات معقدة، والتي تُعد أساس الشبكة الغذائية البحرية. لكن مع ذوبان الجليد بسرعة، تعم الفوضى على مجتمع الميكروبات تحت الجليد، وبدلًا من كونها ميكروبات متخصصة أو مميزة لتلك المناطق، تنتشر أنواع أخرى غير مميزة لمنطقة بالظروف المثالية للقطب الشمالي. هذا ببساطة لأنّ ظروف المنطقة تغيرت ما أفسح المجال لانتشار مجتمعات جديدة من الميكروبات.
يرى مؤلفو الدراسة أنّه يمكن للميكروبات الأصلية أن تتكيف مع تلك التغيرات في القطب الشمالي، لكن التحدي الأكبر أنّ تلك التغيرات في الظروف المناخية تحدث بسرعة كبيرة جدًا، ما يقلل فرص الميكروبات في التكيف، وهذا بحد ذاته مشكلة كبيرة.
تُعد الميكروبات أحد أهم أشكال الحياة على سطح الأرض، على الرغم من أنها لا تُرى بالعين المجردة، إلا أنها ضرورية للحفاظ على الشبكة الغذائية ودعم الحياة على الأرض.