تحقق

نشر في : 29-02-2024

حدثت في : 2024-05-06 15:47:34

بتوقيت ابوظبي

Ahmed Sami

مع تزايد الضغوط على الدول والمؤسسات لتحمل مسؤولية انبعاثاتها، اكتسب سوق ائتمانات الكربون مزيدا من الزخم، فما هو سوق أرصدة الكربون أو الكربون كريدت؟

 

خطة أوروبية جدية لإزالة الكربون.. محطة الأنشطة الزراعية

رصيد الكربون هو وحدة تعادل تجنب أو إزالة طن واحد من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي.

ويتم إصدار وحدات أرصدة الكربون من خلال مشاريع العمل المناخي التي تلتقط ثاني أكسيد الكربون، وعلى سبيل المثال، من خلال زراعة الأشجار أو منع انبعاث الكربون، وذلك من خلال وقف إزالة الغابات أو استبدال الحرائق المفتوحة للهواء بمواقد طهي فعالة.

ويعتمد عدد وحدات الأرصدة الناتجة عن مشروع العمل المناخي الواحد على أطنان ثاني أكسيد الكربون التي يتجنب انبعاثها، لضمان حدوث التأثيرات المرجوة الناتجة عن المشروع.

ما ينبغي معرفته عن أرصدة الكربون

ويتم اعتماد أرصدة الكربون وفقا للمعايير الدولية المعترف بها، وتوفر هذه المعايير منهجيات صارمة لحساب التأثيرات ضمن إطار تدقيق منسق ومراقبة مشاريع العمل المناخي بانتظام.

كما أن هذه المعايير تضمن تنفيذ مشاريع العمل المناخي بشكل جيد، وتضمن أنه ليس من الممكن تطوير المشاريع بدون عائدات أرصدة الكربون، وأنها تخلق فوائد مناخية دائمة وقابلة للقياس.

وبمجرد إصدار وحدات أرصدة الكربون، يتم تعيين تعريف فريد لكل وحدة رصيد وتسجيلها في السجلات المتاحة للجمهور للتأكد من أنه لا يمكن حساب وحدة الرصيد وبيعها إلا مرة واحدة خلال مكافحة تغير المناخ.

كذلك تعتبر أرصدة الكربون وسيلة توثيق للشركات لتقليل الانبعاثات العالمية اليوم، في الوقت الذي تعمل به الشركات جاهدة لتقليص بصمتها الكربونية.

رحلة أسواق الكربون

في عام 1977 صدر قانون الهواء النظيف في الولايات المتحدة، وهو من أول آليات التعويض عن الانبعاثات الناتجة عن الأنشطة الصناعية والتجارية في العالم.

 

وسمح هذا القانون للشركات التي ترغب في زيادة انبعاثاتها بالقيام بذلك عن طريق الدفع لشركة أخرى تخفض انبعاثاتها من نفس الملوث بمقدار أكبر. أي أن القانون كان بداية لتشجيع مادي للشركات على تخفيض انبعاثاتها بصورة ما.

ثم في عام 1990 تم إجراء تعديلات على القانون نفسه، مما سمح للشركات بالتوسع في شراء وبيع أرصدة الكربون بينها بهدف الاستثمار في مشروعات للحد من الانبعاثات.

وبعدها تم إنشاء آلية التنمية النظيفة (CDM) كجزء من بروتوكول كيوتو، الذي تم اعتماده خلال قمة المناخ في عام 1997 والذي تلزم مرحلته الأولى الدول الصناعية بالحد من الانبعاثات. وقامت هذه الآلية بتوسيع مفهوم تجارة انبعاثات الكربون إلى مستوى عالمي، وركزت على غازات الاحتباس الحراري الرئيسية التي تسبب تغير المناخ.

وتمكن تلك الآلية البلدان المتقدمة من رعاية مشروعات للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الدول النامية، وذلك لأن تكلفة أنشطة الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عادة ما تكون أقل بكثير في البلدان النامية.

أداة استثمار بالمسقبل.. ما هو الائتمان الكربوني؟

هو رصيد يسمح لشركة ما بإصدار كمية معينة من الغازات الدفيئة.

وكل وحدة ائتمانية تسمح بانبعاث طن واحد من ثاني أكسيد الكربون أو ما يعادله من الغازات الدفيئة الأخرى.

كما تحصل الشركات على عدد محدد من الأرصدة الائتمانية، وإذا تمكنت من خفض انبعاث الغازات الدفيئة فيصبح لديها أرصدة فائضة، ويمكنها بالتالي بيع هذه الأرصدة الفائضة لشركات أخرى وكسب المال.

أما الشركات المشترية للأرصدة غالبا تعجز عن تخفيف الانبعاثات، وهذا ما شجع على إيجاد سوق لتداول سندات للائتمان الكربوني بين الشركات.

الإمارات تسبق بخطوة

في نوفمبر من العام 2022 أعلنت شركة مبادلة الإماراتية للاستثمار "مبادلة"؛ استحواذها على حصة استراتيجية في شركة إيه سي إكس "AirCarbon Exchange (ACX)".

وشركة إيه سي إكس هي المنصة العالمية الرائدة في قطاع السوق الطوعي لتداول الكربون، والتي تتخذ من Hub71، منظومة التكنولوجيا العالمية في أبوظبي، مقرًا لها.

ويأتي إبرام هذه الصفقة دعماً لتدشين "AirCarbon Exchange (ACX)"، أول بورصة منظمة بالكامل لتجارة الكربون، وتأسيس غرفة مقاصة لتداول الكربون في سوق أبوظبي العالمي.

بعد تلك الخطوة بعام تقريبا أعلن سوق دبي المالي، عن طرح منصة تجريبية لتداول أرصدة الكربون دخلت مرحلة التطبيق خلال فعاليات الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28).

لترسخ هذه الخطوة المكانة الريادية للسوق المالي في طليعة العمل المناخي كمنصة تنظيمية لتسهيل جمع رؤوس الأموال للمشاريع، وتداول أرصدة الكربون، والإدارة الآمنة للأصول، لدعم هدف حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة في الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

كيف تباع أرصدة الكربون؟

بنظرة أشمل فإن أسواق الكربون هي البورصات التي تقوم فيها الشركات أو الدول بشراء وبيع حصص (تسمى أرصدة أو اعتمادات) من انبعاثات غاز ثاني أكيد الكربون المسبب للاحتباس الحراري، حيث تدفع الجهة الراغبة في تلبية التزاماتها بخفض انبعاثاتها لجهة أخرى تخفض انبعاثاتها بالفعل، ويكون تقييم تلك العملية وفق برامج تتضمن معايير التقييم، فيما تدخل عوامل مختلفة في عملية تسعير أرصدة الكربون التي يتم تداولها بالأسواق.  

ويعتمد تداول أرصدة واعتمادات الكربون على مبادئ تشجيعية تهدف إلى تخفيض أو إزالة انبعاثات الكربون من الغلاف الجوي، وتعتبر جزء من محاولات وطنية ودولية لكبح ظاهرة التغير المناخي.

وتتكون أرصدة واعتمادات الكربون من مجموعة متنوعة من مشروعات تخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، يتم تحديدها في إطار برامج كوسيلة للبلدان لتحقيق التزاماتها بخفض انبعاثاتها ضمن أهداف اتفاقية باريس للمناخ المُبرمة خلال قمة المناخ عام 2015- بتكلفة أقل. 

الطلب على ائتمانات الكربون

بحسب منتدى الطاقة الدولي فإن تعزيز أسواق الكربون الطوعية يتطلب معالجة تحديات انخفاض السيولة وندرة التمويل ومحدودية توافر البيانات.

كذلك فإن بناء الثقة بالسوق أمر حيوي لتحقيق هذه الأهداف، لذلك لا بد من تضافر الجهود العالمية لزيادة الشفافية وضمان الاستقرار.

كما يجب توفير ائتمانات الكربون مع تطوير المزيد من المشروعات الخضراء، خاصة أن معظم إمدادات أرصدة الكربون المحتملة فيما يتعلق بعدم إزالة الغابات أو زراعة الأشجار تتركز في عدد صغير من الدول.

وفي حالة الاهتمام بهذه العقبات، يمكن أن يرتفع الطلب على ائتمانات الكربون 15 مرة بحلول 2030، وما يصل إلى 100 مرة في منتصف القرن الحالي.

فيما تقدر شركة الأبحاث وود ماكنزي أن يتراوح الطلب على أرصدة الكربون بين 8 و12 غيغا طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا.

ويمكن استخدام ائتمانات الكربون لتعزيز تقنيات الطاقة النظيفة في العالم النامي، مثلما أطلقت الولايات المتحدة مبادرة خلال قمة المناخ COP27، في مصر عام 2022، لتمكين الشركات من الحصول على اعتمادات لتمويل المشروعات الخضراء في الدول النامية.

وبدأت حكومات الأسواق الناشئة تركز على أرصدة الكربون مؤخرًا؛ حيث عقدت السعودية أول مزاد لها في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2022، لبيع 1.4 مليون طن من الائتمانات الكربونية.

 

كوب 28 يعظم الاستفادة من أرصدة الكربون

ومن الإمارات في مؤتمر المناخ للأطراف COP28، أعلن البنك الدولي خطط طموحة لنمو أسواق الكربون العالمية التي تتمتع بدرجة عالية من السلامة والنزاهة.

حيث من المقرر أن يحقق 15 بلدا دخلا من بيع اعتمادات الكربون الناتجة عن الحفاظ على غاباتها.

عل أن تحقق هذه البلدان أكثر من 24 اعتمادا، ونحو 126 مليون اعتماد بحلول عام 2028، ويمكن أن تحقق هذه الاعتمادات 2.5 مليار دولار في ظروف السوق المناسبة، وستعود نسبة كبيرة من هذا المبلغ بالنفع على المجتمعات المحلية والبلدان المعنية. وتتمتع أسواق الكربون المزدهرة بالقدرة القيام بذلك لصالح بلدان أخرى على المدى الطويل.

وهذه البلدان البالغ عددها 15 هي: شيلي وكوستاريكا وكوت ديفوار وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية الدومينيكان وفيجي وغانا وغواتيمالا وإندونيسيا وجمهورية لاو الديمقراطية الشعبية ومدغشقر وموزمبيق ونيبال وجمهورية الكونغو وفيتنام- وهي جزء من صندوق الشراكة للحد من انبعاثات كربون الغابات التابع للبنك الدولي، الذي ساند برامج تجريبية منذ عام 2018 لإنشاء أنظمة فعالة لمبادرات اعتمادات الكربون.

ومن خلال مساندة 5 بلدان في عام 2024، سيعمل البنك الدولي مع الحكومات والمجتمعات المحلية للوصول إلى أسواق الكربون.

وبحلول عام 2028، من المتوقع أن تكون جميع البلدان البالغ عددها 15 المشاركة في صندوق الشراكة للحد من انبعاثات كربون الغابات في وضع يمكنها من التفاعل والتعامل مع أسواق الكربون.