تُسهم الغابات في تعزيز أشكال الحياة على سطح الأرض؛ فما موقعها في مفاوضات المناخ؟
تنطلق العديد من المبادرات العالمية للتشجيع على زراعة الأشجار وإعادة التحريج في الغابات؛ نظرًا إلى أهمية الدور الذي تلعبه الأشجار والنباتات في امتصاص وعزل كميات هائلة من غاز ثاني أكسيد الكربون، وذلك عبر قيامها بعملية البناء الضوئي التي تعتمد على امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي وتحويله إلى أكسجين ومواد أخرى؛ ويتبقى الكربون العضوي الذي تخزنه. بالفعل اهتمت الكثير من مؤتمرات الأطراف المعنية بتغير المناخ السابقة به، وتبرز الأشجار والغابات أيضًا على أجندة COP29.
لماذا الأشجار والغابات؟
هناك العديد من الأسباب التي تجعل الأشجار والغابات من الموضوعات الجديرة بالاهتمام في أجندات مؤتمرات المناخ، ربما أبرز تلك الأسباب:
1- ضرورية للحياة
لا شك في أنّ الغابات بأشجارها ونباتاتها من أهم أشكال الحياة على سطح الأرض؛ إذ توفر مأوى لما يزيد على 80% من إجمالي أشكال التنوع البيولوجي حول العالم. وهذا طبيعي في ظل مساحاتها الشاسعة التي تُمثل نحو 31% من مساحة اليابسة على كوكب الأرض، ما يجعلها ضرورية للحياة على سطح الأرض.
2- للإنسان
أكثر من 1.6 مليار إنسان حول العالم يعتمد على الغابات في سبل العيش والدخل السنوي. وهناك ما يقرب من ثلث سكان العالم ما زالوا يعتمدون على الوقود الخشبي في حياتهم اليومية مثل الطهي والتدفئة؛ خاصة في أفريقيا. بالإضافة إلى كونها واحدة من أهم مصادر المواد الغذائية والدوائية للإنسان، وتعتمد عليها الكثير من المجتمعات في دخلها.
3- حياة أكثر صحة
توفر الغابات والمناطق الخضراء عامةً الهواء والمياه النقية، ما يقلل فرص انتشار الأمراض المعدية عند إزالة المناظر الطبيعية مثل الغابات والأشجار. كما يستفيد منها الإنسان لاستخراج الأدوية.
4- أكثر استدامة
تسهم الغابات في تحقيق الاستدامة التي يهدف إليها البشر؛ فبقاء الأشجار والنباتات وإدارتها بما لا يُضرها أو يُضر بالتنوع البيولوجي فيها واحتياجات الإنسان منها، يُسهم بصورة كبيرة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ما يعود بالنفع على كوكبنا.
في COP29
من المؤسف أننا نخسر ما يُقدر بنحو 10 ملايين هكتار من غابات العالم سنويًا، وهي مساحة شاسعة، يترتب على فقدانها العديد من الأضرار. لذلك، تهتم مؤتمرات الأطراف بملف الغابات والأشجار. وفي هذا الصدد، يُخصص COP29 يوم من أجل تدعيم المناظر الطبيعية والتنوع البيولوجي، ومن المقرر أن تنعقد الكثير من الجلسات المتخصصة في هذا الشأن. وتستفيد الغابات من COP29 بعدة صور، من ضمنها:
1- التكيف
الغابات من أكثر البيئات تضررًا على سطح الأرض من التغيرات المناخية والأنشطة البشرية. لذلك من الضروري اتخاذ تدابير مناسبة وطرح استراتيجيات قابلة للتنفيذ يمكن للغابات من خلالها التأقلم والتكيف مع التغيرات المناخية، لكي تقوم من جديد لتؤدي دورها الحيوي والمحوري في امتصاص غازات الدفيئة.
2- التمويل
باعتباره "مؤتمر الأطراف المالي"، من المنتظر أيضًا تعزيز التمويل اللازم لدعم الغابات وتنفيذ الخطط اللازمة لإعادة تحريجها ومساعدتها في استرداد عافيتها.
3- التعاون
يتيح مؤتمر الأطراف المعني بتغير المناخ الذي يجمع 198 طرفًا موقعًا على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي بفتح الباب أمام الأطراف للتناقش حول التقنيات المختلفة التي يمكن من خلالها حفظ الغابات؛ بذلك يصبح مؤتمر الأطراف مساحة جيدة للتعاون الدولي وتبادل الخبرات ونقل العلوم المدعمة لصحة الغابات.
هناك العديد من الملفات الأخرى التي من المنتظر مناقشتها في COP29، لكن تظل الغابات من أهم الملفات المطروحة منذ زمن، لأهميتها البالغة في حفظ توازن النظم البيئية على سطح الأرض، وللتضررات والانتهاكات التي تتعرض إليها بسبب الأنشطة البشرية التي تقود للاحتباس الحراري؛ فتتعرض للحرائق وتفقد الكثير من مواردها القيّمة.