تقارير وتحليلات

نشر في : 29-10-2024

تاريخ التعديل : 2024-11-11 10:19:41

آلاء عمارة

خرج تقرير فجوة الانبعاثات لعام 2024 بعدة مفاجآت.. فما القصة؟

صدر "تقرير فجوة الانبعاثات لعام 2024" عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول، الذي يطرح الفجوة الهائلة بين الأفعال والأقوال فيما يتعلق بأهداف خفض الانبعاثات، وبدأ التقرير بعبارة قوية "No more hot air.. Please"، التي تعني لا للمزيد من الكلام الفارغ رجاءً؛ أي كفى بالوعود والأقوال المنطلقة في الهواء بلا تنفيذ واقعي، ويدعو التقرير إلى سد فجوة الانبعاثات التي تتفاقم يومًا بعد يوم، ما يضع البشر في موقف أشبه باللعب بالنيران مع ارتفاع درجات الحرارة. 

بداية من اتفاق باريس

في نهاية عام 2015، اشتعلت طاولة المفاوضات المناخية في العاصمة الفرنسية باريس خلال انعقاد مؤتمر الأطراف المعني بتغير المناخ في دورته الحادية والعشرين (COP21)، وكان هذا المؤتمر مهمًا للغاية، يُحضر الأطراف لانعقاده منذ سنوات؛ لأنه كان من المنتظر أن تخرج اتفاقية جديدة تحل محل بروتوكول كيوتو الذي خرج من (COP3). بالفعل خرج "اتفاق باريس" التاريخي بعدة أهداف مهمة، منها عدم تجاوز متوسط درجات الحرارة العالمية درجتين إلى 1.5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الصناعة. ولا يتحقق هذا الهدف إلا من خلال جهود الدول في خفض انبعاثاتها؛ للحفاظ على ميزانية الكربون المتبقية. 

ولتقييم التقدم المحرز في هذا الصدد، يخرج سنويًا تقرير فجوة الانبعاثات لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (EGR). وهو تقرير قائم على أساس علمي يوضح الفجوة بين انبعاثات غازات الدفيئة المستقبلية في حال إذا حققت الدول تعهداتها بتخفيف آثار التغيرات المناخية، وأين موضع الدول لتجنب أسوأ آثار التغيرات المناخية. من جانب آخر، يُقدم تقرير فجوة الانبعاثات الفرص المناسبة لسد فجوة الانبعاثات. 

تقرير فجوة الانبعاثات لعام 2024

كشف التقرير عن عدة أمور مهمة فيما يتعلق بسياسات العمل المناخي، نذكر منها: 

سياسات غير مجدية 

أشار التقرير إلى أنّ السياسات التي يتبعها العالم اليوم غير مجدية بالمرة، بل إنّ نتائجها كارثية قد تقود إلى ارتفاع متوسط درجات الحرارة بمقدار يتراوح بين 2.6 إلى 3.1 درجة مئوية على مدار القرن الحالي، مقارنة بعصر ما قبل الصناعة بنسبة 66%، في حال إذا لم ترفع الدول طموحها وجهودها المناخية في مساهماتها المحددة الوطنية، والتي من المقرر طرح جولتها الثانية في بداية عام 2025؛ أي قبل COP30 في البرازيل. 

قال أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة؛ تعليقًا على نتائج التقرير: "تقرير فجوة الانبعاثات اليوم واضح: نحن نلعب بالنار؛ ولكن لا يمكن أن يكون هناك المزيد من اللعب على الوقت، لقد نفد الوقت لدينا". وشدد على ضرورة زيادة طموح التنفيذ والتمويل بدءًا من COP29. 

عواقب 

سلط التقرير الضوء على عواقب التأخير في العمل المناخي، خاصة أنّ انبعاثات غازات الدفيئة تزداد بانتظام مقارنة بمستويات عام 2019 فقد وصلت في عام 2023 إلى 57.1 غيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون. والزيادة المستمرة في درجات الحرارة، ترتبط بالظواهر الطقسية المتطرفة مثل الأعاصير والأمطار الغزيرة والفيضانات وحرائق الغابات والاضطرابات البيئية الأخرى التي تهدد حياة البشر والكائنات الحية الأخرى. 

أشار التقرير أيضًا إلى أنه إذا كانت هناك رغبة في تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية؛ فإنه يجب خفض الانبعاثات بمعدل 7.5% سنويًا بحلول 2035، ويمكن الوصول إلى 2 درجة مئوية إذا أخفضت الدول انبعاثاتها بمعدل 4%. 

ممكن ولكن.. 

أظهر التقرير أنه يمكن تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية بحلول 2030 من الناحية الفنية، بخفض مقدار 31 غيغا طن من الانبعاثات، وهي تعادل 52% من الانبعاثات في 2023. كما يمكن تحقيق خفض في الانبعاثات حتى 41 غيغا طن، وذلك عن طريق نشر تقنيات ومصادر الطاقة المتجددة، مثل: الطاقة الشمسية الكهروضوئية وطاقة الرياح، التي يمكنها توفير نحو 27% من إجمالي إمكانات الخفض في عام 2030، و38% في عام 2035. بالإضافة إلى دعم الغابات والنظم الإيكولوجية وتحقيق الانتقال بعيدًا عن الوقود الأحفوري كما دعا COP28. 

وتُقدر الاستثمارات اللازمة لتحقيق صافي الصفر بما يتراوح بين 0.9 و2.1 تريليون دولار سنويًا من عام 2021 حتى 2050. هذه الاستثمارات من شأنها أيضًا أن تحقق عائدات في تجنب الأضرار المرتبطة بتغير المناخ وتلوث الهواء والتأثيرات السلبية على صحة البشر. وأشار التقرير إلى أنّ الدول التي ينبغي لها أن تتحمل العبء هي المسؤولة عن الجزء الأكبر من إجمالي الانبعاثات، وهم أعضاء مجموعة العشرين. 

تصميم الإسهامات المحددة وطنيًا 

أوضح التقرير ضرورة الشفافية في المساهمات المحددة وطنيًا التي تطرحها كل دولة، وأن تشتمل على أهداف أكثر طموحًا وتبين الغازات المنخفضة وفقًا للغازات المدرجة في بروتوكول كيوتو، التي تغطي كل القطاعات بشفافية ودقة. 

يأتي تقرير فجوة الانبعاثات لعام 2024 قبل انطلاق COP29 بوقت قصير، ما يتيح الفرصة للدول الأطراف أن ينظروا إليه خلال مفاوضات المناخ واتخاذ توصياته على محمل الجد.