مع تزايد حدة تغير المناخ، تهدد أزمة المياه مليارات البشر، وفي عام 2024، لن يقتصر تغير المناخ على ذوبان القمم الجليدية أو ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون، بل سيطول الضرورة الإنسانية الأساسية وهي المياه النظيفة.
ولكي يكون مؤتمر الأطراف التاسع والعشرون مؤثرًا حقًا، يجب إعطاء الأولوية لأمن المياه في أجندة التكيف، لأنه من دون الماء لا يمكن لأي مستقبل أن يتحقق، بحسب ما أفاد موقع "غلوبال سنتر أون أدابشن".
مليارا شخص "خارج الحسابات"
ووفقًا للأمم المتحدة، يفتقر مليارا شخص إلى الوصول إلى مياه الشرب الآمنة في الوقت الحالي، ويواجه نصف سكان العالم نقصًا في المياه سنويًا.
ومع تكثيف أزمة المناخ، من المتوقع أن ترتفع هذه الأرقام أكثر من ذلك.
وستواجه العديد من المناطق موجات جفاف أكثر تواترًا وشدّة، في حين ستشهد مناطق أخرى تلوث المياه العذبة بسبب ارتفاع مستويات سطح البحر والفيضانات والملوثات.
والعواقب الاقتصادية لهذه الأزمة هائلة، خاصة في الزراعة والصناعة والتكنولوجيا، حيث يؤدي تراجع الوصول إلى المياه النظيفة إلى انخفاض غلة المحاصيل، وتعطيل الإمدادات الغذائية، وزيادة الأسعار.
تباطؤ الصناعات
وتشهد الصناعات المعتمدة على المياه، مثل التصنيع وإنتاج الطاقة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، تباطؤًا في التشغيل، مما يتسبب في فقدان الوظائف وارتفاع تكاليف الإنتاج وعدم الاستقرار الاقتصادي.
والتأثيرات الصحية لتراجع حصة المياه للفرد، شديدة بنفس القدر، وبدون الوصول إلى المياه النظيفة، يصبح انتشار الأمراض مثل الكوليرا، مما يؤدي إلى تفاقم التفاوتات الصحية في المجتمعات الضعيفة.
وعدم القيام بأي شيء لمواجهة ذلك، سيؤدي إلى عواقب مدمرة، تشمل النزوح، وانعدام الأمن الغذائي، وزيادة المخاطر الصحية، والتدهور البيئي، والصراعات على الموارد المتضائلة.
ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه التحديات، توفر هولندا، وتحديدًا مدينة ليوواردن في فريسلان، إطارًا لمعالجة ندرة المياه من خلال حلول مبتكرة وقابلة للتطوير لا تخفف من آثار تغير المناخ فحسب، بل تعزز الاستدامة للمستقبل.
ليواردن عاصمة تكنولوجيا المياه
ومع تفاقم أزمة المياه العالمية، تبرز مدينة ليواردن، وهي مدينة صغيرة في هولندا، كرائدة في مجال تكنولوجيا المياه.
وبفضل الخبرة الهولندية في إدارة المياه، فهي موطن لمؤسسات عالمية المستوى في هذا المجال مثل Wetsus وWaterCampus.
وتعزز هذه المراكز التعاون بين الباحثين ورجال الأعمال والطلاب، وتحويل الاختراقات العلمية إلى حلول واقعية.
وتعد ليواردن رائدة في تكنولوجيات المياه النظيفة ذات التأثير العالمي، من أنظمة المياه الدائرية إلى تحويل المياه المالحة الموفرة للطاقة.
وبعيدًا عن التكنولوجيا، تستخدم المدينة حلولًا قائمة على الطبيعة، مثل الأراضي الرطبة، لتصفية المياه.
وتمزج هذه المبادرات بين الحفاظ على البيئة وإدارة المياه العملية، مما يوضح أن التكيف مع المناخ يتعلق بالعمل مع الطبيعة بقدر ما يتعلق بالتكنولوجيا.
ومع ذلك، لا تستطيع ليواردن، جنبًا إلى جنب مع مؤسساتها وشركاتها، معالجة أزمة المياه العالمية بمفردها.
ولتحقيق النجاح، يجب على الحكومات والمنظمات غير الحكومية والشركات الخاصة التعاون والبدء في تبادل التكنولوجيا والمعرفة والموارد.
وليس هناك منصة أفضل من مؤتمر المناخ COP29 لبدء هذا التعاون العالمي.
ما الذي يتعين على مؤتمر المناخ COP29 أن يفعله؟
ولكن كيف يمكن لمؤتمر الأطراف التاسع والعشرين أن يطبق هذه الدروس المستفادة من ليواردن على مستوى العالم؟.
أولاً، يقول موقع "غلوبال سنتر أون أدابشن"، أنه من الأهمية أن ندرك أن تغير المناخ يقترب من نقطة اللاعودة ما يؤكد الحاجة الملحة للتكيف.
ومع ذلك، يُظهِر المركز العالمي للتكيف تراجع التركيز على التكيف مع توجه 7% فقط من إجمالي تمويل المناخ إلى التكيف في الفترة 2019-2022 و5% في الفترة 2021-2024 .
وفي حين أن خفض الانبعاثات أمر بالغ الأهمية، لا يمكننا تجاهل حقيقة مفادها أن تغير المناخ موجود بالفعل وأن آثاره محسوسة بشكل مكثف في المناطق المعرضة للخطر والتي تفتقر إلى الموارد اللازمة للتكيف.
ومن خلال وضع الأموال وراء الوعود، يمكن لمؤتمر الأطراف التاسع والعشرين أن يضمن وصول الابتكارات في تكنولوجيا المياه، مثل تلك التي تم تطويرها في فريزلان، إلى الساحة العالمية وتنفيذها حيث تشتد الحاجة إليها.
كما ينبغي لمؤتمر الأطراف التاسع والعشرين أن يعطي الأولوية للتعاون الدولي.
وقد سبق وجمع أسبوع تكنولوجيا المياه لعام 2024 في ليواردن خبراء المياه العالميين لمناقشة الحلول المبتكرة لأزمة المياه النظيفة.
ويعد هذا المثال بمثابة أساس جيد، ولكن لتنفيذ هذه الحلول، يجب على الحكومات والمنظمات غير الحكومية والشركات الخاصة التعاون لمشاركة التكنولوجيات والموارد.
