قصص

نشر في : 05-08-2024

حدثت في : 2024-08-06 16:00:13

بتوقيت ابوظبي

آلاء عمارة

تلعب بعض أنواع الطحالب دوراً خفياً في التبريد العالمي؛ فما القصة؟

يكتشف العلماء كل يوم مزيدا عن أسرار الميكروبات المذهلة، التي يتجلى دورها يومًا بعد يوم في حفظ النظام البيئي؛ إذ تعمل كالجندي الخفي الذي يكافح في صمت، بل يُسهم في التبريد العالمي الذي بات أملًا في التخفيف من ظاهرة الاحترار العالمي، وبالفعل، خرجت معاهدة التبريد العالمي في مؤتمر الأطراف المعني بتغير المناخ في دورته الثامنة والعشرين (COP18) في إكسبو دبي في الإمارات العربية المتحدة. تلك المعاهدة التي تدعو للعمل الدولي المنسق من أجل التبريد الموفر للطاقة والصديق للبيئة في الوقت نفسه، ما يقلل انبعاثات غازات الدفيئة بمقدار يصل إلى 460 مليار طن على مدار 40 عامًا. 

وفي الوقت الذي تكافح فيه دول الأطراف من أجل تعزيز عملية التبريد؛ كحل من حلول أزمة الاحترار العالمي، هناك كائنات أخرى تقوم بهذا الدور في المحيطات؛ إذ كشفت مجموعة بحثية دولية عن الخصائص المذهلة لنوع من الطحالب يعيش في المحيطات، يُسهم في تنظيم المناخ العالمي، وذلك بإنتاج مركب يُسمى "ثنائي ميثيل بروبيونات السلفونيوم" (DMSP)، وهو مركب كبريتي عضوي بحري، يتميز بقدرته على تنظيم المناخ ودوره في دورة المغذيات والكبريت. وقد استطاعت المجموعة البحثية الكشف عن إنزيم يُسمى (DsyGD) المسؤول عن تخليق ذلك المركب في بعض الكائنات الدقيقة التي لم يكن معروفًا من قبل أنها قادرة على إنتاج "ثنائي ميثيل بروبيونات السلفونيوم"، ونشر الباحثون نتائجهم في دورية "نيتشر ميكروبيولوجي" (Nature Microbiology) في 11 يونيو/حزيران 2024. 

التبريد العالمي 

حسنًا، ربما ذاع صيت التبريد العالمي في سبعينيات القرن الماضي، عندما تكهن بعض العلماء أنّ الأرض ستدخل في مرحلة التبريد العالمي، الذي يعني انخفاضا في درجات الحرارة العالمية، وكان ذلك بناءً على سجلات درجات الحرارة في فترة الأربعينيات حتى أوائل السبعينيات، وأطلقوا على تلك الفترة "عصر الجليد الوشيك"، لكن اتضح أنّ هذه ما هي إلا أسطورة أو زيف؛ إذ كانت الأرض تتجه نحو الاحتباس الحراري، الذي هو عكس التبريد العالمي تمامًا.

لكن اليوم، يُستخدم مصطلح التبريد العالمي للإشارة إلى العمليات التي يمكن من خلالها خفض درجات حرارة الأرض، قد تكون نتيجة الأنشطة البشرية مثل إطلاق الهباء الجوي الذي يعكس أشعة الشمس، أو العوامل الأخرى الطبيعية، مثل تصنيع بعض الكائنات الحية لمواد تسهم بشكل ما في التبريد العالمي، وهذا ما تفعله الكائنات الحية المنتجة لمركب "ثنائي ميثيل بروبيونات السلفونيوم". 

طحالب 

وللطحالب دور مهم في إنتاج ذلك المركب، إذ اكتشف الباحثون أنّ هناك نوعا من الطحالب يسمى (Pelagophyceae)، وهو من أكثر الأنواع وفرة في المحيطات، فهي قادرة على إنتاج مركب "ثنائي ميثيل بروبيونات السلفونيوم" بمستويات أعلى من المتوقعة، وهي بذلك تسهم في تنظيم المناخ عبر عملية التبريد. 

يُسلط الباحثون الضوء على قدرة الكائنات الدقيقة على إنتاج مليارات الأطنان سنويًا من "ثنائي ميثيل بروبيونات السلفونيوم" في محيطاتنا، ما يساعدها في البقاء على قيد الحياة في ظل الظروف الحرارية التي يمر بها الكوكب، وما يترتب على تلك الظروف من تغيرات في البيئة حولها مثل التغيرات في درجات الحرارة والملوحة والضغط والإجهاد التأكسدي.  

عكس ضوء الشمس 

جدير بالذكر أنّ مركب "ثنائي ميثيل بروبيونات السلفونيوم" هو المصدر الرئيسي لمركب آخر يُسمى "كبريتيد ثنائي الميثيل" (DMS)، وعندما يُطلق في الغلاف الجوي، تُسهم منتجات أكسدته في تكوين السحب؛ فتعكس ضوء الشمس بعيدًا عن الأرض، ما يساعد في تبريد الكوكب. ومن خلال اكتشاف العلماء للإنزيمات المساهمة في إنتاج "ثنائي ميثيل بروبيونات السلفونيوم"، يمكنهم فهم المزيد عن وسائل التبريد. 

إنّ وجود كائنات حية تُسهم في ضبط حرارة النظام البيئي لأمر في غاية الأهمية، يستدعي الاهتمام به؛ خاصة في ظل الظروف التي يمر بها الكوكب خلال هذا العصر.