قصص

نشر في : 04-09-2024

حدثت في : 2024-09-05 00:50:42

بتوقيت ابوظبي

آلاء عمارة

يمكن توظيف الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالظواهر الطقسية المتطرفة.

على الرغم من وجوده منذ وقت طويل فإنّ استخدامات الذكاء الاصطناعي قد ازدادت بصورة ملحوظة خلال السنوات الأخيرة، وصارت كل القطاعات توظفه بطريقة ما لتسهيل عملها وتوفير الوقت والجهد، عبر عملية تعليم الآلة. واستطاع علماء المناخ أيضًا توظيفه لصالحهم. وفي هذا الصدد، طوّرت مجموعة بحثية من الولايات المتحدة الأمريكية نهجًا يعتمد على الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بتأثيرات الاحتباس الحراري على الظواهر الطقسية المتطرفة، مثل الأمطار الغزيرة والفيضانات والجفاف والأعاصير وغيرها، ما يُسهم بعد ذلك بشكل ما في توجيه استراتيجيات التكيف مع التغيرات المناخية. ونشروا نتائجهم في دورية "ساينس أدفانسيس" (Science Advances) في 21 أغسطس/آب 2024. 

التنبؤات

غالبًا يعتمد الباحثون على البيانات المتاحة سابقًا لبناء التنبؤات بالقادم، ويستخدمون في ذلك التعلّم الآلي؛ لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي على تلك البيانات، وبناء التنبؤات. وللتنبؤ بدرجات الحرارة بناءً على الظروف الطقسية الإقليمية ومتوسط درجات الحرارة العالمية، استخدم الباحثون قاعدة بيانات ضخمة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي؛ لمحاكاة نماذج للمناخ بين عامي 1850 و 2100. 

وبعد استكمال عملية تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، والتحقق من نجاحها، استخدم الباحثون بيانات من موجات حرارة فعلية؛ للتنبؤ بكيفية حدوثها. وقارنوا هذه التنبؤات بمستويات مختلفة من الاحتباس الحراري؛ أي عند درجات حرارة مختلفة؛ لتقدير مدى تأثير التغيرات المناخية في تواتر وشدة الأحداث الطقسية المتطرفة. 

ماذا وجدوا؟ 

مع ارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية، زادت شدة سخونة موجات الحر، التي حدثت عندما سجلت الحرارة ما بين 1.18 و 1.42 درجة مئوية عن مستويات عصر ما قبل الصناعة. لكن، وجد الباحثون أنّ ظاهرة الاحتباس الحراري لعبت دورًا محوريًا في زيادة شدة هذه الموجات، ودون الاحتباس الحراري، لما كانت موجات الحر بهذه الشدة. وتأكدوا من دقة تنبؤات نماذج الذكاء الاصطناعي التي عملوا عليها عندما قارنوها بموجات الحر القياسية التي حدثت في مناطق مختلفة من العالم، وهي موّثقة في درسات منشورة من قبل. 

ولمعرفة الآثار المحتملة لموجات الحر الشديدة في ظل ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى 2 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الصناعة، وجدوا أنّ الأحداث الطقسية المتطرفة مثل موجات الحرارة الشديدة التي حدثت سابقًا -على مدار آخر 45 سنة- في روسيا والهند وأوروبا، من الممكن أن تحدث عدة مرات كل عقد، ما يعني ارتفاع معدل حدوثها. والحقيقة غير السارة أننا نقترب الآن من 1.3 درجة مئوية، وتقل ميزانية الكربون يومًا بعد يوم، وهذا يعني أننا أقرب إلى هدف 1.5 درجة مئوية، والذي هدف اتفاق باريس على عدم تجاوزه بحلول 2030. 

رؤى مستقبلية

يتمتع نهج الذكاء الاصطناعي الذي صممه الباحثون بأنه ليس باهظ الثمن، ويمكنه الاعتماد على البيانات الحالية المتاحة. بالإضافة إلى كونه قادرا على التنبؤ بتأثيرات الاحتباس الحراري على الأحداث الطقسية المتطرفة، ما يُوفر تحليلات دقيقة للأحداث المتطرفة في جميع أنحاء العالم. 

هذا يُساهم بصورة كبيرة في تطوير استراتيجيات التكيف مع التغيرات المناخية، عبر إعطاء تنبؤات أكثر دقة، ما يؤهل المجتمعات للاستعداد لما هو قادم من الأحداث المتطرفة، والتكيف معها، وتقليل الخسائر الناتجة عنها. 

لذلك، يخطط مؤلفو الدراسة إلى تطوير نهج الذكاء الاصطناعي الذي توّصلوا إليه؛ لتحسين تنبؤاتهم بالأحداث المتطرفة المستقبلية، وتحسين فهمنا لتأثيرات الانبعاثات البشرية على الطقس المتطرف، الذي يواجهه العالم اليوم، والذي من المتوقع أن تزداد وطأته خلال السنوات المقبلة تزامنًا مع الارتفاع في متوسط درجات الحرارة العالمية.