قصص

نشر في : 08-08-2024

حدثت في : 2024-08-12 11:35:49

بتوقيت ابوظبي

آلاء عمارة

تؤثر الحرارة المرتفعة على العلاقة التكافلية الضوئية بين الكائنات الحية الدقيقة؛ فما القصة؟

تعيش بعض الكائنات الحية في علاقات تكافلية متبادلة، تحقق من خلالها المنافع، ومن ضمنها علاقة "التكافل الضوئي" (Photosymbioses)، وفيها تعيش الكائنات الحية الدقيقة التي تقوم بعملية البناء الضوئية داخل كائن مضيف، وهي علاقة مهمة للغاية على مستوى النظم البيئية للمياه العذبة خاصة؛ إذ توّفر نحو نصف عمليات البناء الضوئي من الحياة البحرية. لعل أبرز وأوضح الأمثلة على تلك العلاقة، هي الحالة التكافلية بين الطحالب والشعاب المرجانية، كل منهما يوفر للآخر فوائد ومنافع وتبادل للعناصر الغذائية، ويعيشان معًا في أمان. 

لكن أثبتت الكثير من الدراسات في مناطق مختلفة من العالم أنّ الشعاب المرجانية تتعرض لظاهرة الابيضاض، وتطرد شركائها من الطحالب، يأتي ذلك في ظل ارتفاع درجات الحرارة. نفس الأمر ينطبق على أنواع معينة من الكائنات الحية التي تعيش معًا في علاقات تكافل ضوئي. 

ولدراسة تأثيرات الاحترار العالمي على مثل تلك العلاقات، ذهب باحثان من جامعة إكستر في إنجلترا لدراسة مدى تأثير الحرارة المرتفعة على علاقة التكافل الضوئي بين كائن وحيد الخلية من الهدبيات، اسمه العلمي (Paramecium bursaria)، والكلوريلا (Chlorella sp)، وهي طحالب خضراء وحيدة الخلية. ووجدوا أنّ الارتفاع في درجات الحرارة قد يمنع تلك الكائنات الحية الصغيرة من تحقيق المنفعة المتبادلة. ونشرا ما توّصلا إليه في دورية "أكواتيك بيولوجي" (Aquatic Biology) في 1 أغسطس/آب 2024. 

حرارة مختلفة

اختار الباحثان هذين الكائنين وحيدا الخلية؛ نظرًا لقِصر دورة حياتهما. بذلك دراسة تأثيرات درجات الحرارة المرتفعة على مدار عدة أجيال، ما يوّفر رؤية تطورية للتغيرات الطارئة على علاقة تلك الكائنات، ومن ثمّ وضع تنبؤات بمدى تأثر النظام البيئي، خاصة وأنّ عمليات البناء الضوئي التي تقوم بها الكائنات البحرية، ضرورية في حفظ النظام البيئي. 

ولمراقبة تأثيرات الحرارة المختلفة، وضع الباحثان المجموعة الأولى من تلك الكائنات في درجات حرارة 25 درجة مئوية، تلك المجموعة عملت كمجموعة ضابطة، أو بتعبير آخر مجموعة مراقبة؛ لأنّ تلك الظروف هي نفسها الظروف الطبيعية لهذه الأنواع في بيئتها. ووضعا المجموعة الثانية في ظروف تبريد، عند 20 درجة مئوية، والمجموعة الثالثة في ظروف احترار عند 30 درجة مئوية. كل هذا لمدة 295 يومًا.

خسارة 

وجد الباحثان أنّ ارتفاع درجات الحرارة، يتسبب في تدهور علاقة الطحالب بالكائنات المضيفة؛ إذ تقل كفاءة ونتائج عملية البناء الضوئي، وكذلك انخفضت كفاءة استخدام الكربون، ما انعكس سلبًا على كمية الطاقة التي تُقدمها للمضيف، ما يقلل قدرتهما على النمو. وهذا يعني أنّ معدلات عمليات البناء الضوئي البحرية، ستتأثر عالميًا مع ارتفاع درجات الحرارة مستقبلًا. 

تطفل

وعملية التطفل، هي علاقة موجودة بين الكثير من الكائنات الحية، لكنها علاقة تُدر منفعة على كائن واحد فقط، وهو الكائن المتطفل، بل وتُلحق الضرر بالمضيف. وقد وجد الباحثان أنّ مع تهديد الحرارة المرتفعة لقدرة الطحلب على عملية البناء الضوئي، تقل الموارد، وبالتالي يشتد التنافس على الموارد المتاحة؛ فتنقلب العلاقة إلى تطفل بدلًا من تكافل. 

تحرر

وربما يتحول الأمر إلى انتهاء العلاقة التكافلية بين تلك الكائنات؛ فقد لاحظ الباحثان أنّ هناك بعض الطحالب التي بدأت تعتمد على النيتروجين غير العضوي الموجود في الماء؛ أي أنها تحررت من علاقتها مع المضيف، بعدما كانت تعتمد عليه في الحصول على النيتروجين العضوي. 

يرى مؤلفا الدراسة أنّ هذا النوع من العلاقات قد ينتهي بالفشل مستقبلًا مع ارتفاع درجات الحرارة، حتى وإن تمكنت من التكيف مع التغيرات البيئية السريعة التي تحدث حولها. لكن قد يتأثر النظام البيئي العالمي بسبب تراجع إنتاجية عملية البناء الضوئي.