قصص

نشر في : 31-08-2024

حدثت في : 2024-09-02 15:40:08

بتوقيت ابوظبي

آلاء عمارة

تدخلت ثورة الهندسة الوراثية في كل ما يتعلق بالإنسان تقريبًا من صحة وغذاء وغيرهما، وأثبتت فاعليتها؛ فالجينات هي مفتاح صندوق أسرار الحياة.

يبدو أنّ للهندسة الوراثية الكثير من الحلول المستدامة، للمساهمة في تقليل انبعاثات الكربون عبر دمج المواد المستدامة في الكثير من الصناعات ومنها صناعة البناء. لذلك فكرت مجموعة بحثية من جامعة ميريلاند بالولايات المتحدة الأمريكية في إجراء بعض التعديلات الجينية في أشجار الحور؛ لإنتاج أخشاب أكثر استدامة، وقادرة على تخزين الكربون، وبالتالي تقليل الانبعاثات. ونشروا نتائجهم في دورية "ماتار" (Mattar) في 12 أغسطس/آب 2024.

استدامة مواد البناء

تتسبب مواد البناء في إطلاق انبعاثات كثيرة لغازات الدفيئة، ما يؤثر سلبًا في المناخ، ويسهم في تفاقم الاحتباس الحراري. لذلك، يبحث العلماء دومًا عن بدائل أكثر استدامة، بدلًا من الفولاذ أو البلاستيك أو الأسمنت أو الخشب التقليدي. وهناك توّجه نحو استخدام الخشب الهندسي؛ خاصة أنه أكثر استدامة ولديه قدرة مميزة في تخزين كميات أكبر من الكربون مقارنة بالخشب التقليدي. يرجع ذلك إلى أنه أقوى.

تحديات

ولا يخلو الأمر من التحديات؛ إذ يحتاج الخشب الهندسي إلى بعض المعالجات لتجريده من أحد مكوناته الرئيسية وهي مادة اللجنين. ولتوضيح الأمر، يجب الإشارة إلى المراحل التي يمر بها الخشب، لتصنيع الخشب المضغوط المستخدم في البناء، وتتمثل هذه العملية في نقع الخشب في الماء، ثم ضغطه حتى ينضغط إلى نصف سمكه الأصلي، ما يعزز كثافة الألياف. واللجنين يحافظ على بنية خلايا الخشب، ويمنعه من الانضغاط. لذلك يلجأ المتخصصون إلى عملية المعالجة التي تستهدف إزالة اللجنين أو ضغط الخشب لأقصى كثافة ممكنة. 

وتتم عملية المعالجة باستخدام مواد كيميائية وكميات كبيرة من الطاقة، وتنتج الكثير النفايات أيضًا؛ كل هذا لتعزيزه ببعض الخصائص الهيكلية مثل زيادة قوته، ومقاومته للأشعة فوق البنفسجية، ما يجعله جاهزًا للاستخدام بدلًا من الخرسانات والفولاذ.

معالجة جينية 

ولتجنب استخدام المواد الكيميائية في معالجة الخشب، لجأ الباحثون إلى تقنية التعديل الجيني، التي تستهدف إلغاء جين يُسمى (4CL1) في أشجار الحور، ما يساعدهم في إنتاج أشجار تقل فيها كمية اللجنين بنسبة 12.8%، مقارنة بالأشجار غير المعدلة وراثيًا. 

ولإجراء مقارنة، زرع الباحثون أشجارهم المعدلة جينيًا بجانب الأشجار غير المعدلة، ولاحظوها لمدة 6 أشهر. لم تكن هناك اختلافات تُذكر في معدلات النمو. من جانب آخر، وجد الباحثون أنّ الخشب المُنتج بعد التعديل الجيني، كان أقوى وأكثر كثافة بمقدار 1.5 مرة، مقارنة بالخشب التقليدي.

يفتح هذا البحث المجال أمام إدخال التعديلات الجينية على مواد البناء الأخرى؛ لتصبح أكثر استدامة عند استخدامها، كذلك أكثر قدرة في تخزين الكربون.