قصص

نشر في : 02-09-2024

حدثت في : 2024-09-02 15:56:12

بتوقيت ابوظبي

آلاء عمارة

يؤثر التغير المناخي في حياة السلاحف بطرائق مختلفة.

يعرف العلماء منذ وقت طويل أنّ السلحفاة من أكثر الكائنات الحية المعرضة لمخاطر التغيرات المناخية، بل إنّ بعض أنواعها مهددة بالانقراض. وفي هذا الصدد، تعمقت مجموعة بحثية دولية في تأثير تقلبات هطول الأمطار ودرجات الحرارة المحيطة على تطور السلاحف البحرية الصغيرة. ووجدوا أنّ تلك التأثيرات لهطول المطر، تختلف بين أنواع السلاحف المختلفة. ونشر الباحثون دراستهم في دورية "بي إم سي إيكولوجي آند إيفوليوشن" (BMC Ecology and Evolution) في 15 أغسطس/آب 2024.

دورة الحياة

عادةً تضع إناث السلاحف البحرية البيض عند الشاطئ، حيث التربة الرخوة، وتغطيه بالرمال للحفاظ عليه من الحيوانات المفترسة. بعد ذلك تعود إلى المياه مرة أخرى؛ تاركة البيض ليفقس في الوقت المناسب. يمر الوقت، إلى أن يحين موعد الفقس، وتخرج السلاحف الصغيرة من البيض إلى الحياة. في كثير من الأحيان لا تفلح في الوصول إلى مرحلة البلوغ؛ إذ تصل واحدة من كل ألف سلحفاة إلى مرحلة البلوغ؛ لأسباب عدة، ربما أبرزها تعرضها للمخاطر من الحيوانات المفترسة وعوامل أخرى. 

الحرارة والأمطار 

جادلت الكثير من الدراسات السابقة في أنّ درجات الحرارة تلعب دورًا ما في عملية فقس بيض السلاحف البحرية، بل أيضًا في تحديد جنسها سواء ذكر أو أنثى. على سبيل المثال، في ظل الحرارة الباردة، تزداد فرصة إنتاج سلاحف أكبر في الحجم والوزن، وإنتاج عدد أكبر من السلاحف الذكور. في حين الحرارة المرتفعة، تُسرع عملية فقس البيض. 

أراد الباحثون معرفة كيفية تأثير أنماط هطول الأمطار الغزيرة على عملية فقس البيض وتكوين أنواع السلاحف المختلفة. لذلك استخدموا بيانات من 37 شاطئًا حول العالم تشتمل على نوعين من السلاحف محل الدراسة، وهما: السلاحف البحرية ضخمة الرأس، واسمها العلمي (Caretta caretta)، والسلاحف البحرية الخضراء، واسمها العلمي (Chelonia mydas). وقارنوا أحجامها عند الفقس بطبيعة المناخ المحلي. 

ووجدوا أنّ أنماط الأمطار تلعب دورًا حاسمًا في تحديد أحجام السلاحف عند الفقس. على سبيل المثال؛ في حالة السلاحف البحرية ضخمة الرأس، يتسبب المطر الغزير في أن تكون سلاحفها الصغار عند الفقس أكبر في الوزن، لكن لديها صدفة صغيرة. بينما في حالة السلاحف الخضراء؛ فلا يتأثر وزنها، في حين تكون صدفتها أصغر. وبشكل عام، تكون فرصة السلحفاة كبيرة الحجم أكبر في البقاء على قيد الحياة، لأنها قادرة على الحركة أسرع، ولا تقضي وقتًا طويلًا على الشاطئ. 

التوازن مطلوب 

يرى مؤلفو الدراسة أيضًا أنّ الظروف المثالية عند الفقس سواء للسلاحف ضخمة الرأس أو نظيرتها البحرية، هي عندما تكون الظروف باردة ورطبة. أما في حالة ارتفاع درجات الحرارة، وعدم انتظام هطول الأمطار، فيتعطل النمو، ما يؤثر في احتمالية البقاء على قيد الحياة. من جانب آخر، الظروف الرطبة جدًا، قد تكون قاتلة للأجنة قبل الفقس. لذلك؛ فالتوازن بين الظروف الرطبة ودرجات الحرارة، أمر مهم لحياة تلك السلاحف. 

التغير المناخي 

وللتغير المناخي يد خفية في ذلك؛ إذ يؤثر في أنماط هطول الأمطار، ما يتسبب في جعل المناطق الرطبة أكثر رطوبة، والمناطق الجافة أكثر جفافًا. لهذا، ركز الباحثون على عنصر الأمطار هذه المرة، وكيف يؤثر في أحجام السلاحف ومواعيد الفقس؛ فتنوعت الشواطئ التي حصلوا منها على بيانات، والتي كان منها شواطئ في البحر الأبيض المتوسط؛ خاصة شواطئ قبرص وتركيا، كذلك في فلوريدا، وجمهورية الرأس الأخضر، وهي دولة جزيرية في أفريقيا، وغيرها. هذا التنوع يمثل أيضًا تنوع الظروف المناخية المحلية لتلك المناطق. 

يرى مؤلفو الدراسة أنّه ما زالت هناك الكثير من علامات الاستفهام حول تأثيرات أنماط هطول الأمطار في السلاحف، لكن في الوقت نفسه، هذا يفتح الباب أمام الأبحاث المعمقة في هذا الصدد، فيما يخص السلاحف التي بالفعل مهددة بالانقراض، كذلك الكائنات الحية الأخرى المتأثرة بالتغيرات المناخية وآثارها.