تلعب الحشرات دورًا محوريًا في حفظ التوازن البيئي، رغم أنّ الكثير من الناس لا يحبون رؤيتها.
المثير في الأمر أنّ الباحثين والعلماء المتخصصين في علم الحشرات (Entomology)، يُذهلوننا باكتشافاتهم الجديدة عن عالم الحشرات. ومؤخرًا كشفت مجموعة بحثية دولية عن الدور المحوري للحشرات في الدورة البيوجيوكيميائية، التي تُعنى بانتقال العناصر الأساسية للحياة، مثل: الكربون، والنيتروجين، والفوسفور، والكبريت، والمياه، في المحيط الحيوي.
لم يكن دور الحشرات واضحًا في تلك الدورة، خاصة داخل أنظمة الغابات، إلى أن استطاعت المجموعة البحثية الكشف عنه، وعالجت الفجوة المعرفية التي كانت موجودة سابقًا بهذا الشأن، واتضح أنّ الحشرات العاشبة (التي تتغذّى على أوراق الأشجار والنباتات)، يمكنها إطلاق كميات كبيرة من المغذيات إلى الوسط المحيط في الغابات، ما يؤثر في متوسط درجات الحرارة. ونشر الباحثون نتائجهم في دورية "نيتشر كوميونيكاشنز" (Nature Communications) في 17 يوليو/تموز 2024.
تحليل
أراد الباحثون تحسين نماذج الدورة البيوجيوكيميائية في الغابات، لذلك أنشأوا شبكة عالمية في 40 غابة تحتوي على الكثير من الأشجار والنباتات ذات الأوراق العريضة، وجمعوا عينات من 74 قطعة أرض داخل تلك الغابات التي حددوها، ثم حللوا الأوراق الناضجة والخضراء؛ لمعرفة تركيزات العناصر المختلفة، مثل: الكربون، والنيتروجين، والفوسفور، والسيليكا. وتتبعوا خط سير تلك العناصر الغذائية داخل الحيوانات والحشرات العاشبة.
ماذا وجدوا؟
ربما لم يكن مفاجئًا أنّ الحيوانات العاشبة تلعب دورًا محوريًا في دوران العناصر الغذائية، لكن المفاجأة كانت كشف الستار عن الدور الخفي والمحوري للحشرات العاشبة أيضًا، فقد وجد الباحثون أنّ الحشرات العاشبة تُطلق المغذيات بقوة في الغابات الاستوائية، مقارنة بالغابات المعتدلة أو الشمالية، وتزداد قوة إطلاقها للمغذيات مع ارتفاع درجات الحرارة السنوية.
هذا بدوره قادر على رفع مستويات المغذيات في الوسط، بالدرجة الكافية لإحداث تغييرات في دورة عناصر النظام البيئي، ما يؤثر بالنهاية في دورة الكربون، التي تُعد إحدى أهم الدورات البيوجيوكيميائية، ولها دور مهم في أزمة التغيرات المناخية، ويحاول العلماء طوال الوقت لفهمها جيدًا.
يأمل الباحثون في أن يُضيف هذا الاكتشاف المزيد من الفهم حول عناصر النظام البيئي المختلفة، وكيفية تفاعلها معًا؛ ما يعزز الإجراءات والتدابير التي يلجأ إليها البشر لحل أزمة المناخ.
