قصص

نشر في : 15-09-2024

حدثت في : 2024-09-15 17:19:06

بتوقيت ابوظبي

آلاء عمارة

بحلول 2070، سيتداخل البشر والحياة البرية بنسبة 57%، ما يؤدي إلى تفاعلات قد تكون إيجابية أو سلبية؛ فما القصة؟

ذلك الصراع القديم بين الإنسان والحياة البرية يعود إلى الساحة العلمية مرة أخرى، والحقيقة أنّ تلك العلاقة المعقدة قُتلت بحثًا؛ بسبب التأثيرات السلبية التي تعود على الحياة البرية نتيجة سعي البشر الدائم للاستيلاء على البرية من أجل مشروعاتهم العمرانية، ما يهدد الموائل والأنواع هناك. الأمر يشبه احتلال دولة لدولة أخرى؛ فيُضطر البشر للنزح واللجوء إلى الدول المجاورة أو يُفقدون للأبد ويعيشون بلا موطن. الأمر نفسه يفعله الإنسان للحياة البرية بما فيها من أنواع، كثير منها لا يجد موطنًا آخر؛ فنفقده للأبد. ويُقدر تقرير صادر عن "الصندوق العالمي للطبيعة" (WWF) عام 2022، بأنّ هناك انخفاض بنسبة 69% في الحياة البرية منذ عام 1970. 

كيف يهدد الإنسان الحياة البرية؟ 

هناك العديد من الأشكال التي يهدد بها الإنسان الحياة البرية، نذكر منها: 

1- تدمير الموائل 

تدمير الموائل يعني فقدان الأنواع لموطنها؛ نتيجة للتوسعات الحضرية التي يقوم بها الإنسان، ما يؤدي إلى تهجير الأنواع وينخفض التنوع الجيني، ما يهدد التنوع البيولوجي. 

2- فقدان الغذاء 

تتسبب أنشطة البشر في الكثير من التأثيرات السلبية على غذاء الحيوانات، منها عدم قدرة الكائنات الحية في البرية على إيجاد الغذاء المناسب لها؛ فتتضور جوعًا، ما يُضعف جهازها المناعي، وتصبح عرضة للأمراض، وينتهي بها الحال في تعداد الأموات. 

3- التغيرات المناخية 

أثبتت الدراسات أنّ التغيرات المناخية التي يعاني منها العالم اليوم؛ بسبب الأنشطة البشرية. وتأتي بتأثيرات سلبية على الحياة البرية؛ وتتمثل في موجات الحرارة والجفاف وأنماط الطقس المتطرفة وغيرهم. 

4- التلوث 

هناك العديد من أشكال التلوث مثل النفايات البلاستيكية والمواد الكيميائية وتلوث الهواء والبيئات بما فيها البيئات البرية. كل هذا يعود سلبًا على الأنواع الحيوانية والنباتية. 

تداخل مستمر 

وجدت دراسة حديثة أجرتها مجموعة بحثية من جامعة ميشيغان بالولايات المتحدة الأمريكية احتمالية كبيرة لتداخل الإنسان والحياة البرية بنسبة 57% بحلول 2070، بينما يقل ذلك التداخل بنسبة 12% في أراضٍ أخرى، يأتي ذلك في ظل زيادة تعداد سكان البشر، والذي تجاوز 8 مليار نسمة في نهاية 2022. وهنا قد يظهر صراع حقيقي عندما تتفاعل الحيوانات مع البشر في مناطق محدودة، وستتجلى التفاعلات الإيجابية والسلبية بين الحيوانات والبشر في المستقبل القريب. ونشر الباحثون دراستهم في دورية "ساينس أدفانسيس" (Science Advances) في 21 أغسطس/آب 2024. 

ولحساب نسبة التداخل تلك، أنشأ الباحثون مؤشرًا يجمع بين التوزيعات المكانية لنحو 22374 نوعًا من الثدييات والزواحف والبرمائيات والطيور، وحصلوا على تلك المعلومات من البيانات المنشورة سابقًا. كذلك، يضم المؤشر بعض المواقع التي من المحتمل أن يسكنها البشر في المستقبل، واستندوا إلى تقديرات قائمة على توقعات التنمية الاقتصادية والتركيبة السكانية. وتوّصلوا إلى نتائج مفاداها أنّ التداخل سيزداد في المستقبل القريب بنسبة كبيرة، تتجاوز الـ 50%. كما أوضحوا أنّ ذلك التوسع البشري يحدث بمعدل أكبر من التغيرات الحاصلة في توزيع الأنواع نتيجة التغيرات المناخية التي يعاني منها العالم في وقتنا الحالي. 

تداخل مرتفع 

هناك بعض المناطق التي يكون فيها تداخل أعلى من غيرها، لعل أبرزهم: الصين والهند، والسبب الواضح هو أنّ هاتين الدولتين هما الأعلى في الكثافة السكانية. وهناك مناطق أخرى ستشهد تداخلًا مرتفعًا أيضًا، مثل: غابات أفريقيا وأمريكا الجنوبية؛ خاصة وأنّ تلك المناطق تتمتع بثراء بيولوجي مرتفع مقارنة بالمناطق الأخرى، ما يزيد الضغط على تلك الغابات. يتمثل ذلك الضغط في انخفاض متوسط ثراء الأنواع؛ علمًا بأنّ ثراء الأنواع عبارة عن مصطلح يُشير إلى تنوع الأنواع في منطقة محددة. 

على سبيل المثال، في أمريكا الجنوبية، من المتوقع أن يقل متوسط ثراء الأنواع الآتية: الثدييات بنسبة 33%، البرمائيات 45%، الزواحف 40%، والطيور 37%، بينما في أفريقيا، من المتوقع أن ينخفض ثراء الثدييات بنسبة 21%، والطيور بنسبة 26%. 

الحفاظ على التنوع البيولوجي 

يرى مؤلفو الدراسة أنّ الحفاظ على التنوع البيولوجي ليس رفاهية، إنما هو حاجة ضرورية؛ فعلى سبيل المثال، لدينا بعض الأنواع، مثل النسور والضباع، وهي تلعب دورًا حيويًا في إزالة النفايات، ما يقلل مخاطر الأمراض التي قد يتعرض إليها الإنسان، مثل الجمرة الخبيثة. وهناك الكثير من الأمثلة على فوائد الأنواع في النظام البيئي، ويرجح الباحثون أنّ ذلك التداخل القريب بين البشر والحياة البرية؛ سيُظهر المزيد من التفاعلات الإيجابية والسلبية وتأثيرهما على النظام البيئي. 

يدعو الباحثون إلى ضرورة تطوير استراتيجيات الحفاظ على الأنواع، والتخطيط الجيد لتداخل البشر مع الحياة البرية في المستقبل، وتوفير الاهتمام المناسب للمناطق التي تعاني بصورة خاصة من انقراض الأنواع.