تلعب المحيطات دورًا فعّالًا في امتصاص كميات هائلة من غاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وهي بذلك بالوعة كربونية مهمة لحفظ نظام الأرض، وتخفيف وطأة الاحتباس الحراري؛ إذ تمتص المحيطات ما يزيد عن 30% من إجمالي انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون.
وما زال العلماء يضعون آمالًا كثيرة على المحيطات لاحتجاز كميات أكبر من الكربون، ويسعون دومًا لفهم آليات وكيمياء المحيطات، والأهم كيف تمر فيها دورة الكربون.
وفي هذا الصدد، سعت مجموعة بحثية دولية لفهم المزيد عن طبيعة الكربون العضوي المحتجز في الرواسب البحرية في قيعان المحيطات والبحار، وتفاعلاته الكيميائية؛ لتعزيز فهمنا لدورة الكربون على المدى البعيد. ونشروا نتائجهم في دورية "نيتشر كوميونيكاشنز" (Nature Communications) في 29 يوليو/تموز 2024.
الكربون العضوي
في أغلب الأحيان، يُشار إلى مصطلح الكربون العضوي على أنه عنصر الكربون الموجود في المركبات العضوية، الناتجة عن تحلل الكائنات الحية، مثل النباتات والحيوانات. نفس الأمر عند تواجده في البحار والمحيطات؛ فهناك الكثير من بقايا الكائنات المتحللة، والتي قد تستقر في قيعان البحار والمحيطات، وتندمج في الرواسب البحرية.
ما مصيرها؟
السؤال الذي شغل مؤلفي الدراسة، ما مصير الكربون العضوي المرتبط بتلك الرواسب البحرية؛ والتي يرتبط فيها نحو 20% من الكربون العضوي مع أكاسيد الحديد التفاعلية (FeR)، ويتكون الكربون العضوي التفاعلي المرتبط بالحديد (FeR-OC).
وفي محاولة للحصول على إجابة لهذا السؤال، حصلوا على عينات رسوبية من شمال بحر الصين الجنوبي، والتي يصل عمرها إلى 100 ألف عام. ووجدوا أنّ الكربون العضوي التفاعلي المرتبط بالحديد (FeR-OC)، يدعم الكائنات الدقيقة في قاع البحر، ما يساهم في عملية تنظيم دورة الكربون على الأرض.
احتجاز فعّال
ربما بطريقة ما؛ يكون احتجاز الكربون العضوي في قاع البحار والمحيطات فعّالًا، وذلك عبر ما يُسمى بـ"المضخة البيولوجية"، والتي تعني عزل غاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، عن طريق عملية البناء الضوئي، تمامًا مثلما تفعل العوالق النباتية بالقرب من سطح المياه، وبعد موتها، تنتنقل بقاياها إلى القاع حيث تتحلل وتبقى في صورة كربون عضوي. وهذه العملية الفعّالة، يمكنها احتجاز الكربون لسنوات طويلة تُقدر بآلاف السنين.
مع ذلك، ما زالت هناك الكثير من الأسئلة حول آليات احتجاز الكربون العضوي في قيعان المحيطات والبحار، وارتباطه بدورة الكربون، وهذا ما يعمل عليه الباحثون والعلماء؛ لإثراء العلم.
