قصص

نشر في : 26-05-2024

حدثت في : 2024-05-29 10:41:47

بتوقيت ابوظبي

آلاء عمارة

أجبرت التغيرات المناخية بعض مجتمعات الطحالب على إعادة تشكيل أماكنها، في محاولة للتكيّف مع الظروف المناخية؛ فما القصة؟

تُعد الطحالب من أقدم الكائنات الحية التي عاشت على الأرض منذ 1500 مليون سنة مضت، وهي متنوعة بصورة كبيرة، منها الأحجام الكبيرة التي نراها بالعين المجردة، والأخرى الدقيقة التي لا يمكن فحصها إلا تحت المجهر الإلكتروني. وتتميز بانتشار واسع في مختلف البيئات؛ فعلى سبيل المثال، لدينا طحالب تُفضل العيش في المناطق الباردة، وأخرى لا تتكيف إلا في البيئات الدافئة. لكن يبدو أنّ الاحترار العالمي الذي يمر به العالم اليوم؛ بسبب التغيرات المناخية، قد أفسح المجال لانتشار الطحالب التي تعيش في البيئات الدافئة. امتد الأمر إلى أنها قد تستوطن أماكن الطحالب التي كانت تعيش في المناطق الباردة بعد تحولها إلى مناطق أكثر دفئًا؛ فلم تعد صالحة بالنسبة لطحالب محبة للبرودة.

وهذا ما كشفت عنه مجموعة بحثية من إسبانيا؛ فقد وجدوا تغيرات ملحوظة في الطحالب ساحل الباسك المطل على خليج بسكاي (الواقع بين إسبانيا وفرنسا) على مدار 4 عقود؛ إذ قلّت أعداد الأنواع التي تعيش في البيئة الباردة، وتزايدت أعداد الطحالب التي تعيش في البيئة الدافئة. ويحذر الباحثون من الخطر المحدق بتلك الظاهرة والذي قد يؤثر على النظام البيئي، وضرورة الحفاظ على التنوع البيولوجي البحري من جهة أخرى. ونشر الباحثون ما توّصلوا إليه في دورية «مارين إنفيرونمنتال ريسرش» (Marine Environmental Research) في مارس/آذار 2024.

الحرارة المرتفعة

لم يكتف الباحثون بدراسة تأثيرات درجات الحرارة على الطحالب عند نقطة واحدة من الأعماق، بل درسوها على أعماق مختلفة؛ خاصة وأنّ المحيطات تعمل كبالوعات كربونية، وتمتص كميات هائلة من درجات الحرارة؛ خاصة عند السطح. هذا بالطبع يؤثر على الكائنات الحية في تلك المناطق؛ خصوصًا الكائنات غير المتحركة وحساسة لدرجات الحرارة.

في نفس الوقت، ترتفع درجات الحرارة قبالة ساحل الباسك بمعدل أعلى من غيرها؛ فقد كانت هناك زيادة مقدارها 0.23 درجة مئوية كل عقد في حرارة المياه هناك، وكانت الزيادة العالمية 0.15 درجة مئوية. وهذا يُشير إلى أنّ تلك المنطقة تشهد ارتفاعًا نسبيًا في درجات الحرارة أعلى من مناطق أخرى كثيرة.

تحوّلات جذرية

تتسبب تلك الظاهرة في إحداث تحوّلات جذرية في مجتمعات الطحالب وكذلك الأنواع البحرية في نطاقها. على سبيل المثال، وجد الباحثون أنّ طلحب (Gelidium corneum)، انخفضت أعداده قبالة ساحل الباسك، ذلك الطحلب يلعب دورًا حيويًا في حياة العديد من الكائنات البحرية؛ فهو مأوى آمن لمجموعة واسعة من الأنواع مثل الطحالب والأسماك واللافقاريات وغيرهم. لذلك؛ تسبب فقدان أعداد كبيرة من ذلك الطحلب في تدهور المجتمعات البحرية.

مرونة 

أظهرت الدراسة أنّ الطحالب الكبيرة تستجيب بسرعة أكبر للحرارة المرتفعة، مع ذلك، تمكنّت من استعادة مجتمعاتها من جديد، لكن على أعماق كبيرة تحت الماء، وهذا يُعبر عن مرونة تلك الأنواع من الطحالب، ومدى مرونتها في التكيّف مع الظروف المناخية الحديثة. لكن، يرى العلماء أهمية اتخاذ التدابير اللازمة للتحكم في درجات حرارة المياه.

شدد مؤلفو الدراسة على ضرورة تعزيز أنظمة المراقبة؛ لرصد التغيرات الطارئة على مجتمعات الطحالب واتخاذ التدابير الاستباقية قبل تفاقم المخاطر.