تقارير وتحليلات

نشر في : 13-02-2024

حدثت في : 2024-03-05 16:44:26

بتوقيت ابوظبي

أيمن صالح

وضع COP28 قضايا المياه في قلب دوائر السياسة المناخية الدولية، وأسفر عن حزمة إجراءات وتعهدات تدعم الأمن المائي العالمي بشكل غير مسبوق.

تمثل المياه أحد العوامل الرئيسية المرتبطة بالتأثيرات المتزايدة لتغير المناخ العالمي، مثل الفيضانات المتفاقمة وحالات الجفاف والعواصف الشديدة.

منذ عام 2000، شكلت المخاطر المرتبطة بالمياه ما يقرب من ثلاثة أرباع جميع الكوارث الطبيعية في جميع أنحاء العالم.

وفي الوقت نفسه، يتسبب تغير المناخ في تغيير أنماط هطول الأمطار في جميع أنحاء العالم بشكل متزايد، مما يفاقم أزمات الأمن المائي عالميًا.

فقد العالم حوالي 85% من أراضيه الرطبة على مدار الـ300 عام الماضية، وفقًا لأرقام الأمم المتحدة، ويواجه حوالي 4 مليارات شخص على مستوى العالم ندرة في المياه، لمدة شهر واحد على الأقل سنويًا.

تشير تقديرات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إلى أن ارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين يمكن أن يعرض ما يصل إلى 3 مليارات شخص لندرة المياه المتزايدة.

على خلفية هذه التحديات، وضعت دولة الإمارات العربية المتحدة، قضايا المياه والأمن المائي والاستدامة في صدارة جدول الأعمال العالمي المتعلق بالعمل المناخي، خلال مؤتمر COP28، الذي عقد بدبي، في الفترة من 30 نوفمبر/ تشرين الثاني إلى 13 ديسمبر/ كانون الأول 2023.

أعلنت رئاسة COP28 عن 3 أولويات خلال المؤتمر: النظم البيئية للمياه العذبة، ومرونة المياه في المناطق الحضرية، والنظم الغذائية القادرة على التكيف مع المياه.

شكلت رئاسة دولة الإمارات العربية المتحدة شراكة مع دولتي هولندا وطاجيكستان، لتكونا بمثابة "أبطال المياه" في مؤتمر (COP28)، وخصصت يومًا كاملاً من جدول أعمال المؤتمر لقضايا الغذاء والمياه والزراعة، بما في ذلك حوار وزاري رفيع المستوى.

النظم البيئية للمياه العذبة

نظمت رئاسة مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين بالتعاون مع الصندوق العالمي للطبيعة، الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومنظمات أخرى، المائدة المستديرة الوزارية بشأن حماية واستعادة النظم الإيكولوجية للمياه العذبة، التي تعد حاليًا أكثر أنواع النظم البيئية تدهورًا في جميع أنحاء العالم.

تشمل النظم الإيكولوجية للمياه العذبة، الأراضي الرطبة وأشجار المانغروف والغابات، وتتمتع جميعها بقدرات طبيعية على تنقية المياه، ويمكن أن تلعب دوراً حاسماً في تجديد موارد المياه الجوفية.

وقعت أكثر من 30 دولة على مبادرة تحدي المياه العذبة، خلال COP28، والتي تلزم بحماية واستعادة النظم البيئية للمياه العذبة، والتي تعتبر ضرورية للتخفيف من تغير المناخ والتكيف معه.

أطلقت مبادرة تحدي المياه العذبة لأول مرة في مؤتمر الأمم المتحدة للمياه لعام 2023، وتهدف إلى الاستفادة من الدعم اللازم للحفاظ على النظم البيئية السليمة للمياه العذبة.

تضع المبادرة هدفًا طموحًا يتمثل في استعادة أكثر من 300 ألف كيلومتر من الأنهار و350 مليون هكتار من الأراضي الرطبة بحلول عام 2030 أو ما يقرب من 30% من النظم البيئية للمياه العذبة المتدهورة على الأرض.

كما شهد يوم الغذاء والزراعة والمياه أيضًا العديد من المشاركات السياسية والتعهدات الرامية إلى تعزيز الأمن المائي بجميع أنحاء العالم.

تعهدت دولة الإمارات العربية المتحدة بمبلغ 150 مليون دولار أمريكي لتمويل الابتكار لمعالجة ندرة المياه.

أعلنت ثمانية بنوك تنمية متعددة الأطراف أنها ستضاعف عدد الأشخاص المستفيدين سنويًا من دعمها الفني والمالي في مجال المياه في غضون 3 سنوات.

مرونة المياه في المناطق الحضرية

أسفر COP28 أيضًا عن حزمة قرارات وتعهدات تضمن تحسين ومرونة إدارة المياه في المناطق الحضرية، وضمان حصول المدن على ما يكفي من المياه النظيفة أثناء الفيضانات ونوبات الجفاف.

تبنت رئاسة COP28 مبادرة تحفيز المياه في المناطق الحضرية (UWCI)، التي أطلقتها ألمانيا وهولندا بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي وشركاء دوليين آخرين، خلال مؤتمر الأمم المتحدة للمياه لعام 2023.

تركز المبادرة على تسريع عمليات التحول في مرافق المياه الحضرية في جميع أنحاء العالم وتعبئة التمويل لتحسين الأداء والاستثمار في البنية التحتية المقاومة للمناخ، وتحسين الوصول إلى المجموعات السكانية المحرومة.

يشمل ذلك تعزيز مرافق المياه والصرف الصحي في المناطق الحضرية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.

شكلت المبادرة في COP28 صندوقًا لتقديم المساعدة المالية والفنية لـ 10 شركات أو منظمات مرافق، وتم الإعلان عن تمويل بقيمة 42 مليون يورو للمبادرة، بما في ذلك 32 مليون يورو من ألمانيا، و10 ملايين يورو من هولندا.

نظم غذائية تتكيف مع المياه

عقدت رئاسة COP28 ووزراء من أكثر من 25 دولة أول حوار وزاري على الإطلاق لمؤتمر الأطراف حول بناء أنظمة غذائية قادرة على التكيف مع المياه، والذي شاركت في عقده دولة الإمارات العربية المتحدة والبرازيل.

أطلق الحوار شراكة لمدة عامين في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ لمساعدة البلدان على دمج المياه والغذاء في مساهماتها وخطط عملها الوطنية، واستهداف مؤتمر الأطراف الثلاثين لتحقيق ذلك.

 شهد يوم الغذاء والزراعة والمياه أيضًا إعلانات رئيسية حول ندرة المياه العالمية والأمن الغذائي، حيث حشدت الدول جهودها لدعم إعلان الإمارات العربية المتحدة بشأن الزراعة والنظم الغذائية والعمل المناخي الذي أقرته الآن 152 دولة.

ومع الإشارة إلى أن الزراعة تمثل 70% من استهلاك المياه العذبة، أعلنت مهمة الابتكار الزراعي من أجل المناخ في دبي عن زيادة قدرها 3.4 مليار دولار في التمويل الإجمالي للأنظمة الغذائية الذكية مناخياً والزراعة

أعلن الممولون الخيريون عن تقديم مبلغ 389 مليون دولار أمريكي لدعم منتجي الأغذية ومستهلكيها.

في المجمل، نجح المؤتمر في تعبئة أكثر من 7.1 مليار دولار أمريكي للعمل المناخي الإيجابي في قطاع النظم الغذائية.

كما أعلنت رئاسة COP28 ومنظمة الأغذية والزراعة والبنك الدولي ومؤسسات أخرى عن برنامج دعم شرم الشيخ المشترك، وهو عبارة عن حزمة مدتها ثلاث سنوات لمساعدة البلدان على إطلاق التمويل والدعم للمزارعين ومنتجي الأغذية، وأصحاب الأعمال الزراعية الصغيرة والمجتمعات المحلية.

يشمل ذلك التحول إلى محاصيل تتسم بالكفاءة في استخدام المياه، أو إدارة استخدامها بشكل أفضل، مثل استخدام الرشاشات أو الري بالتنقيط بدلاً من غمر الحقول.

المياه في القرار النهائي

عززت النتائج النهائية لـ COP28، الدعوة التي أطلقها الأطراف في مؤتمر شرم الشيخ COP27، بدمج المياه في جهود الدول للتكيف مع المناخ، وحث الأطراف وأصحاب المصلحة من غير الدول على زيادة طموحهم وتعزيز التكيف.

اتفق المفاوضون في دبي، أثناء مناقشة الهدف العالمي بشأن التكيف، على أن المياه يجب أن تحتل مكانة بارزة في الإطار الذي يهدف إلى توجيه جهود التكيف العالمية.

سلم القرار النهائي لأول تقييم عالمي لاتفاق باريس، الذي صدر في دبي، بالدور الحاسم لحماية وحفظ واستعادة نظم المياه والنظم الإيكولوجية المتصلة بالمياه في تحقيق منافع التكيف مع المناخ والمنافع المشتركة، مع كفالة الضمانات الاجتماعية والبيئية.

دعا القرار الأطراف للحد بدرجة كبيرة من ندرة المياه الناجمة عن تغير المناخ وتعزيز القدرة على التكيف مع تغير المناخ في مواجهة المخاطر المتصلة بالمياه من أجل توفير إمدادات مياه قادرة على الصمود في وجه تغير المناخ، وصرف صحي قادر على التكيف مع المناخ، وحصول الجميع على مياه الشرب المأمونة والميسورة التكلفة.

كما دعا للحد من آثار المناخ على النظم الإيكولوجية والتنوع البيولوجي والتعجيل باستخدام التكيف القائم على النظم والحلول الطبيعية، من خلال إدارتها وتعزيزها واستعادتها وحفظها وحماية النظم الإيكولوجية الأرضية والجبلية والبحرية والساحلية، والنظم الإيكولوجية للمياه الداخلية.