تقارير وتحليلات

نشر في : 15-01-2024

حدثت في : 2024-03-05 15:53:26

بتوقيت ابوظبي

أيمن صالح

رصد تقرير دولي جديد إن أوكرانيا شهدت حوالي 20 ألف حريق في المناظر الطبيعية بسبب الحرب، مما أدى لانبعاثات 5.2 مليون طن كربون في 2022.

يتتبع التقرير الصادر عن معهد البيئة والصراع، مقره بريطانيا، حجم الانبعاثات الناجمة عن الحرب في أوكرانيا بقطاعات مختلفة، وهي المرة الأولى التي يبذل فيها جهدًا من هذا النوع، لرصد الانبعاثات الصادرة عن أي صراع بشكل شامل.

في 24 فبراير/شباط المقبل، تدخل الحرب الروسية الأوكرانية عامها الثاني، مع توقعات بتطور الصراع واستمراره لأجل غير معلوم

وفق خبراء، وقعت الحرب في وقت يتزايد فيه القلق العالمي بشأن أزمة المناخ المتسارعة، مما جعل قضية تأثير النزاع على المناخ، محط اهتمام غير مسبوق في الآونة الأخيرة.

يقول التقرير، الذي اطلعت «نداء الأرض» على نسخة منه، إن التداعيات الجيوسياسية للصراع المسلح أدت إلى تقويض التعاون الدولي اللازم لمعالجة أزمة المناخ، لكنها في نفس الوقت، شجعت على نشوء بيئة سياسية مواتية للتوسع في الطاقة المتجددة، وخاصة في الاتحاد الأوروبي، بعد تصاعد المخاوف بشأن أمن الطاقة.

تأثير الصراع على الانبعاثات

يستعين التقرير بدراسة لمبادرة "محاسبة غازات الدفيئة للحرب"، بشأن انبعاثات غازات الدفيئة الناجمة عن النزاع في أوكرانيا، والتي قدمتها المبادرة للأطراف في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP28، الذي انعقد في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، خلال الفترة من 30 نوفمبر/تشرين الثاني وحتى 12 ديسمبر/كانون الأول 2023.

سعت المبادرة إلى توثيق انبعاثات غازات الدفيئة أثناء النزاع المسلح في أوكرانيا، وقيّمت الانبعاثات لمدة 12 شهرًا من الحرب عند 120 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون؛ أي ما يعادل تقريبًا إجمالي الانبعاثات السنوية من غازات الدفيئة لدولة مثل بلجيكا.

على المستوى المحلي، تشمل العوامل التي تؤثر على انبعاثات الصراع تلك الناتجة مباشرة عن النشاط العسكري، بما في ذلك الوقود البري والبحري والجوي، والتي تمتد إلى حرائق المناطق الحضرية والمناظر الطبيعية، والحرائق الناجمة عن البنية التحتية للطاقة المتضررة .

يمكن للتغيرات في إنتاج الطاقة أن تؤثر أيضًا على الانبعاثات، سواء من خلال زيادة استخدام المولدات المحلية، أو التحولات في أنواع الوقود المستخدم.

كما يؤخذ في الاعتبار أنماط النزوح الداخلي والتحولات الديموغرافية، وكذلك الآثار السلبية لانخفاض النشاط الصناعي أو الاقتصادي في بعض القطاعات، ففي العديد من الحالات، قد يتم نقل هذه الأنشطة وانبعاثاتها داخليًا أو خارج الحدود الإقليمية.

وفق التقرير، من المتوقع أن تكون تكلفة إعادة الإعمار أحد أكبر مصادر الانبعاثات بالنسبة لأوكرانيا.

تقدير انبعاثات حرائق الطبيعة

يقول التقرير إن العامل الثاني الذي يؤثر على انبعاثات غازات الدفيئة الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، هو حرائق المناطق الطبيعية.

يستعين التقرير ببيانات صادرة عن المركز الإقليمي لرصد الحرائق في أوروبا الشرقية، والتي تشير إلى اندلاع حوالي 20 ألف حريق في المناظر الطبيعية في جميع أنحاء أوكرانيا في عام 2022، بمساحة إجمالية محترقة تبلغ حوالي 750 ألف هكتار.

تمثل الأراضي الزراعية 55% من هذه المساحة، بالإضافة إلى 36% نباتات طبيعية أخرى؛ والغابات 7.5%.

وقع أكثر من ثلثي حرائق المناظر الطبيعية، وأكثر من 80% من حرائق الغابات، داخل الحزام الذي يبلغ طوله 60 كيلومترًا على طول خط المواجهة.

كما وقع أكثر من 40% من إجمالي الحرائق في الأراضي محل الصراع، وكانت المناطق الأكثر تضرراً هي شرق وجنوب وشمال أوكرانيا، فيما كانت العمليات العسكرية هي الأكثر نشاطًا.

بناءً على بيانات المركز بشأن الحرائق، وصلت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن حرائق المناطق الطبيعية في أوكرانيا إلى 5.2 مليون طن في عام 2022 فقط.

ويعزي المركز هذه الانبعاثات إلى الصراع بدرجة كبيرة من الثقة، لأن حوالي 70% منها حدث على بعد 30 كيلومترًا من الخطوط الأمامية للحرب

بشكل عام، تسبب حرق الأراضي الزراعية في إطلاق 59% من إجمالي الانبعاثات المرصودة، في حين أطلقت الأراضي العشبية غير المزروعة 24%.

فيما أطلقت حرائق الغابات الأوكرانية نحو 17% من إجمالي الكربون المنبعث، ثلاثة أرباعها ناجمة عن حرائق غابات الصنوبر.

نظرًا لارتفاع حمل الوقود وكثافة الحرائق في غابات الصنوبر، كان متوسط خسائر الكربون الناجمة عن الحرائق لكل وحدة مساحة أكثر من الضعف مقارنة بأنواع المناطق الطبيعية الأخرى، بما في ذلك الغابات عريضة الأوراق.

من المرجح أن يكون للاختلال الهائل في المناطق الطبيعية والزراعية تأثير كبير على دورة الكربون المحلية في أوكرانيا.

يؤدي تدهور المناطق الطبيعية وفقدان الغطاء النباتي إلى تقليل إمكانية تخزين الكربون.

وجدت دراسة المركز، أن فقدان القدرة على تخزين الكربون بسبب حرائق الغابات التي تعزى إلى الحرب يبلغ حوالي 100.000 طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا .

تشير إلى أن غابات أوكرانيا تلتقط وتخزن 50 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، وهذا يعادل 15% من انبعاثات الغازات الدفيئة في أوكرانيا في عام 2020.

وفق التقرير، لا يزال يتعين تقييم التأثير على تخزين الكربون في النظم البيئية الطبيعية وشبه الطبيعية الأخرى، ولا سيما الحقول المزروعة التي عانت أكثر من غيرها من حرائق المناظر الطبيعية في زمن الحرب.

الانبعاثات الإقليمية والعالمية

كان للصراع أيضًا تأثيرات كبيرة ومعقدة على انبعاثات الغازات الدفيئة الإقليمية والعالمية.

أطلقت الهجمات على خط أنابيب نورد ستريم كميات كبيرة من غاز الميثان، الذي تعد مساهمته في أزمة المناخ أكبر وأخطر من ثاني أكسيد الكربون .

على جانب أخر، أثر ارتفاع الأسعار المرتبط بالنزاع على العديد من القطاعات، بما في ذلك الزراعة وإنتاج الأسمدة، مما أدى لتغيرات في استخدام الأراضي وأنوع المحاصيل، قد ينتج عنها انبعاثات.

وكان لإغلاق المجالين الجويين الروسي والأوكراني تأثير كبير أيضًا على الطيران المدني؛ حيث أدى إلى تغيير مسار الرحلات الجوية وزيادة استهلاك الوقود، مما يعني المزيد من الانبعاثات.

كما كان أحد التأثيرات غير المباشرة هو توسيع المطارات والطرق في دول آسيا الوسطى للتعويض عما سببه الإغلاق الجوي في البلدين.

في سياق آخر، زاد الإنفاق العسكري والتدريب على الاستعداد استجابةً للتوترات الجيوسياسية ولخدمة الصراع، وكلا العاملين يؤديان إلى توليد انبعاثات ضخمة.

كما أثرت الجغرافيا السياسية أيضًا على التعاون الدولي اللازم لمعالجة أزمة المناخ، بينما تأثرت خطط التخفيف المناخية الخاصة بأوكرانيا بسبب تكلفة الحرب وتحديات التعافي.

كما كان للعقوبات والمخاوف بشأن أمن الطاقة تأثير كبير على إنتاج النفط والغاز الروسي.

على الرغم من أن بعض الصادرات الروسية وجدت طرقًا بديلة، إلا أنه بحلول أكتوبر/تشرين الأول 2023، وصلت صادرات الوقود الأحفوري الروسية إلى أدنى مستوى لها منذ فبراير/شباط 2022.

شجعت العوامل نفسها على زيادة الاهتمام بتحول الطاقة المتجددة في الاتحاد الأوروبي وأماكن أخرى، وهو الاتجاه الذي قد يسرع، في حال استمراره، تخفيضات الانبعاثات من بعض المصادر التقليدية.