قصص

نشر في : 27-07-2024

حدثت في : 2024-07-29 11:38:57

بتوقيت ابوظبي

آلاء عمارة

تحتاج تقنيات احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه إلى تطوير، حتى تصبح أكثر فاعلية.

في عام 2015، خرج إلى النور اتفاق باريس التاريخي، بعد مفاوضات امتدت لما يقرب من أسبوعين في مؤتمر الأطراف المعني بتغير المناخ في دورته الحادية والعشرين (COP21)، الذي استضافته العاصمة الفرنسية باريس؛ لذلك يُعرف باتفاق باريس. وقد لقي صدى واسعًا؛ بسبب تبني الأطراف الكثير من المعاهدات الصارمة، وكان أبرزها هدف عدم تجاوز عتبة 1.5 درجة مئوية بحلول 2030، والوصول إلى صافي الصفر بحلول 2050. ولتحقيق تلك الأهداف، عمل العلماء على إيجاد حلول وبدائل فعّالة، لعل أبرز الأفكار كانت احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي وتخزينه، وهو حل طرحته أيضًا "الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ" (IPCC) في تقريرها. 

احتجاز الكربون وتخزينه (CCS) 

هي وسيلة لمعالجة الاحترار العالمي الذي باتت آثاره ملموسة في حياتنا اليومية، وتتضمن تلك التقنية احتجاز انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن الأنشطة الصناعية، ومن ثمّ نقل الكربون إلى مكان التخزين، وبعد ذلك تخزينه في أعماق الأرض. وتعتمد الكثير من الحكومات في جميع أنحاء العالم على تلك التقنية من أجل التقاط غاز ثاني أكسيد الكربون من الهواء مباشرة؛ لتحقيق الأهداف المناخية.

من جانب آخر، يقترح بعض الباحثين أفكارًا متنوعة لإعادة تدوير ثاني أكسيد الكربون وتحويله إلى منتجات مفيدة؛ مثل الوقود لتشغيل الطائرات والمنازل وغيرها. يبدو هذا مثاليًا، لكن هناك كثيرا من التحديات. 

مشكلة

بحسب "الوكالة الدولية للطاقة" (IEA)؛ هناك نحو 45 منشأة قيد التشغيل حول العالم لاحتجاز ثاني أكسيد الكربون، وتحتجز سنويًا ما يزيد على 50 مليون طن. مع ذلك؛ فهذه التكنولوجيا تعاني من بعض التحديات، وهي استخدام الطاقة، وإطلاق انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون من جديد. وهذا ما ناقشته دراسة حديثة أجرتها مجموعة بحثية من جامعة كولورادو بولدر، واقترحوا تصميمًا جديدًا أكثر استدامة لالتقاط ثاني أكسيد الكربون وتخزينه بفاعلية، بل وتحويله إلى وقود. ونشروا ما توّصلوا إليه في دورية "آي سي إس إنيرجي ليترز" (ACS Energy Letters) في 1 مايو/أيار 2024. 

ولتوضيح المشكلة، نحتاج إلى أن نخوض قليلًا في عملية التقاط ثاني أكسيد الكربون من الهواء الجوي، وذلك باستخدام موصلات للهواء، التي تسحب الهواء إلى داخل غرفة مملوءة بمحلول معين، ويتفاعل ثاني أكسيد الكربون مع ذلك المحلول، فتتكون بعض الكربونات أو البيكربونات غير الضارة. وبمجرد احتجاز ثاني أكسيد الكربون، يعمل المهندسون مرة أخرى على فصله عن المحلول، حتى يتمكن من العودة مرة أخرى إلى الغرفة؛ لالتقاط مزيد من الكربون، في درجة حرارة لا تقل عن 900 درجة مئوية، وللوصول إلى هذه الحرارة المرتفعة جدًا يحتاجون إلى حرق الوقود الأحفوري، مثل الغاز الطبيعي، وبالتالي إطلاق غازات الدفيئة مرة أخرى بما فيها غاز ثاني أكسيد الكربون. وهذا بالطبع يتعارض مع الهدف الأساسي من احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون. 

حلول واهية!

هناك فكرة مطروحة تُسمى "الاحتجاز التفاعلي"، ومن خلالها يمكن تطبيق الكهرباء على محاليل الكربونات والبيكربونات، وفصل ثاني أكسيد الكربون والمحلول عن بعضهما في الغرفة، لكن الحقيقة أنّ هذا الاحتجاز التفاعلي لم يكن معروفًا ما إذا كان حلًا واقعيًا أم واهيًا، لذلك بدأت المجموعة البحثية من جامعة كولورادو بولدر في تقييم جودة ذلك النظام عبر 5 دورات من احتجاز الكربون، ووجدوا أنّ قدرة السائل على احتجاز الكربون تقل مع كل دورة. 

اقتراح 

اقترح الفريق البحثي إضافة خطوة إلى عملية الاحتجاز التفاعلي، وهي التحليل الكهربائي، التي من خلالها، يجري تطبيق الكهرباء المتجددة المستدامة، وتقسيم الماء إلى أيونات حمضية وقاعدية، ما يعزز قدرة السائل على امتصاص مزيد من غاز ثاني أكسيد الكربون. وتحويله بعد ذلك إلى منتجات مفيدة مثل الوقود. 

على الرغم من ارتفاع درجات الحرارة بمستويات أعلى من السابق بكثير، فإنّ العلماء والباحثين عاكفون في المختبرات لإيجاد الطرائق اللازمة لالتقاط غاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه، وكذلك بحثًا عن حلول أخرى أكثر استدامة. لكن، لا تزال هناك حاجة إلى اتحاد البشر من أجل تخفيف انبعاثات غازات الدفيئة، التي وصلت في العام الماضي إلى أكثر من 37 مليار طن متري من ثاني أكسيد الكربون.