يمكن للنظم البيئية الساحلية والبحرية تخزين ما يصل إلى خمسة أضعاف الكربون الذي تخزنه الغابات، مع توفير مجموعة من الفوائد الأخرى للمجتمعات.
وهنا تبرز أهمية أحد أشرس المحاربين البيئيين لتغير المناخ والمعروف بـ "الكربون الأزرق"، بحسب ميشيل ديز، كبير المتخصصين في شؤون البيئة، وجوليانا كاستانو إيزازا، أخصائية إدارة الموارد الطبيعية.
ما هو الكربون الأزرق؟
الكربون الأزرق هو المصطلح الذي يطلق على ثاني أكسيد الكربون (CO2) المخزن في النظم البيئية الساحلية والبحرية في العالم مثل أشجار المانغروف والمستنقعات المالحة والأعشاب البحرية.
ويطلق عليه الكربون "الأزرق" بسبب قربه من المحيط: يتم تخزينه في الغالب في التربة والطمي على عمق يصل إلى 6 أمتار تحت قاع البحر.
وإلى جانب الكربون الأزرق الساحلي، هناك أيضًا "كربون أعماق البحار"، ويتم قياس كل نوع باستخدام منهجية محددة لفهم آثاره وفوائده.
والكربون الأزرق الساحلي، أي أشجار المانغروف، ومستنقعات المد والجزر، والأعشاب البحرية، تأتي مع منهجيات محاسبية تعترف بها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
ما أهمية الكربون الأزرق؟
تعد المحيطات أكبر مصدر للحرارة على كوكب الأرض، حيث تمتص 90% من الحرارة الزائدة الناجمة عن تغير المناخ و23% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي يسببها الإنسان.
ويعد "Blue Carbon" أمرًا بالغ الأهمية نظرًا للفوائد المتعددة التي يقدمها وأهمها.
- أولا: القدرة التخزينية الضخمة للأنظمة البيئية الساحلية للكربون الأزرق، حيث تغطي 2% فقط من إجمالي سطح المحيط، ولكنها تمثل 50% من امتصاص المحيط للكربون.
- ثانياً: الفوائد للنظم البيئية وصمود والمجتمعات مثل الحد من الفيضانات والتآكل، والحماية من العواصف، وزيادة خلق فرص العمل والأمن الغذائي، وبحسب تقرير "ثروة الأمم المتغيرة" للبنك الدولي فإن النظم البيئية لأشجار المانجروف تحمي أكثر من 6 ملايين شخص من الفيضانات سنوياً وتمنع خسائر بقيمة 24 مليار دولار من الأصول الإنتاجية.
- ثالثا: توليد أرصدة كربونية عالية الجودة حيث تمتلك أشجار المانجروف الصحية، والأعشاب البحرية، والمستنقعات المالحة قدرة على توليد أرصدة كربونية عالية الجودة، والتي، بمجرد التحقق منها وبيعها من خلال أسواق الكربون الشفافة، يمكن أن تدر دخلا إضافيا للمجتمعات المحلية.
كيف يحارب الكربون الأزرق تغير المناخ؟
إن سلامة المحيطات والنظم الإيكولوجية البحرية ضرورية لمكافحة تغير المناخ، وتخزن النظم البيئية الساحلية الكربون في التربة والمواد الطبيعية الميتة مثل الأغصان المكسورة والأوراق الميتة التي تتجمع على الأرض في المياه الضحلة.
على سبيل المثال، تتمتع الأعشاب البحرية بقدرة فريدة على منع الكربون العضوي من التحلل مرة أخرى إلى ثاني أكسيد الكربون، ويتم تخزين الكربون الموجود في الأعشاب البحرية على عمق ستة أمتار تحت قاع البحر في الطمي في قاع المحيط.
ويمكن للأنظمة البيئية للكربون الأزرق تخزين كميات أكبر من الكربون مقارنة بالغابات الأرضية لسببين:
- أولاً، تنمو نباتاتها بشكل طبيعي بسرعة، وفي هذه العملية تلتقط كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون.
- ثانيًا، تربتها لاهوائية إلى حد كبير (لا تحتوي على أكسجين)، لذلك يندمج ثاني أكسيد الكربون في التربة، ويتحلل ببطء شديد ويمكن تخزينه لمئات أو حتى آلاف السنين.
معوقات الحفاظ على الكربون الأزرق
يهدف إطار الاستعداد للكربون الأزرق إلى المساعدة في تبسيط هذا المجال المعقد ويقدم خطوات عملية للبلدان لتعظيم تأثير الكربون الأزرق.
ويتمثل التحدي الكبير الآخر في ضمان أن تكون تخفيضات الانبعاثات دائمة؛ أنها لن تحدث في أي مكان آخر في المستقبل.
وهناك بعض التحديات حول هذا بسبب عوامل أخرى تؤثر على المحيطات والنظم البيئية البحرية: ما يحدث على الأرض يؤثر على البحر والعكس صحيح، حيث أن هذه النظم البيئية جميعها مرتبطة بالمياه.
وقد يؤدي هذا إلى نمو أشجار المانغروف بشكل أقل فعالية، وبالتالي التأثير على قدرتها على تخزين الكربون - مما قد يؤدي إلى انبعاثات في أماكن أخرى.
هل الكربون الأزرق قابل للقياس والتداول؟
تقدر قيمة احتجاز الكربون وتخزينه بواسطة النظم الإيكولوجية لأشجار المانغروف والمستنقعات المالحة والأعشاب البحرية بما يصل إلى 190 مليار دولار سنويا.
ويدعم البنك الدولي الحكومات لتطوير مشاريع تهدف إلى جلب أرصدة الكربون الأزرق عالية الجودة إلى الأسواق وكسب سعر جيد، حيث يشتمل على جميع العناصر الأساسية أو الشروط اللازمة لكي يكون لدى البلدان مشروع ناجح للكربون الأزرق.
وهي مبنية على ثلاث ركائز:
- البيانات والتحليلات
- السياسات والمؤسسات
- التمويل
وفي الختام، يمكن أن يلعب الكربون الأزرق دورًا رئيسيًا في إنهاء الفقر على كوكب صالح للعيش.
