قصص

نشر في : 29-06-2024

حدثت في : 2024-07-01 09:59:28

بتوقيت ابوظبي

مصطفى شعبان

"عندما أنظر إلى هذا البلاستيك، أرى مادة ثمينة، وفرصاً للعمل المجتمعي، ومصدراً للثروة، وفرصة لدعم أسرتي".

هكذا يبدأ اللاجئ الكونغولي في مخيم كاكوما للاجئين، كينيا، رافائيل باسيمي، روايته حول تحويل النفايات البلاستيكية إلى ثروة قد تجعل منه مليونيرا رغم ظروف اللجوء التي لم تقف حائلا أمام هذا الحلم.

بدأت قصة باسيمي مع هذا الحلم أو بالأحرى التحدي عندما قطع شوطاً طويلاً منذ وصوله إلى مخيم كاكوما في كينيا في عام 2009 ولم يكن يحمل معه سوى حقيبة ملابس وشهاداته التعليمية.

وخلال سنوات إقامته في المخيم استطاع اللاجئ الكونغولي الوصول لإدارة أكبر مشروع لإعادة التدوير يقوده المجتمع المحلي في المخيم.

 

 

رافائيل باسيمي

 

 

لم يكن باسيمي وحده في رحلة الوصول للمليون بل استطاع من خلال مشروعه توفير مئات فرص العمل للاجئين الآخرين وأفراد المجتمع المحلي.

قصة هذا اللاجئ نحو النجاح نقلها الصحفيان بولين أوماغوا وتشاريتي نزومو التابعان للمفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة أمضى رافائيل والذين رصدا سنوات باسيمي الأولى في المخيم وهو يعمل كمدرس.

في وقت لاحق من عام 2013 أنشأ باسيمي مشروع "FRADI" (الأخوة من أجل التنمية المتكاملة)، وهي مؤسسة اجتماعية قائمة على المجتمع وتعمل على تعزيز حماية البيئة وسبل العيش للاجئين والمجتمع المضيف في كاكوما.

وقال الشاب الكونغولي اللاجئ في كينيا والبالغ من العمر 31 عاماً وهو أب لطفلين: "لقد أدركنا وجود حاجز لغوي بين اللاجئين. بدأنا بتدريس اللغة السواحيلية للمجتمع الصومالي واللغة الإنكليزية للمجتمع الناطق بالفرنسية. من ثم بدأنا بتوفير المهارات الفنية مثل تصفيف الشعر والنجارة واللحام".

وأثناء دراسته للحصول على شهادة في إدارة الأعمال في العاصمة نيروبي، خطرت له فكرة مشروع إعادة التدوير، وهي فكرة أتاحت له فرصة توليد الدخل لإعالة أسرته والحفاظ على البيئة.

وعندما تفشى فيروس كورونا، عاد باسيمي إلى المخيم وبدأ مشروعه التجريبي، وأجرى بحوثاً مكثفة حول السياسات التي تحكم إدارة النفايات وكيفية تأثيرها على اللاجئين الراغبين في الاستثمار فيها.

وحين لمعت في عقل باسيمي فكرة مشروع إعادة التدوير النفايات البلاستيكية هذه، جلس مع جيرانه وأخبرهم عن خطته، ليجد الدعم من البعض في حين لم يفهم البعض الآخر سبب رغبته في جمع القمامة وتكديسها في المنطقتة، لكنهم قدموا المساعدة أيضا.

كان قادة المجتمع المحلي على استعداد لدعم المبادرة، وعندما طلب باسيمي متطوعين، وصلته ردود إيجابية سريعة، مع وجود أكثر من ألفي متقدم.

 

مشاركون في مشروع

 

ويقول اللاجئ الكونغولي: "كان الشهر الأول (في أوائل عام 2020) بمثابة فترة تجربة.. لم يكن لدينا المال لندفع الأجور. وبعد شهر واحد، ترك البعض الدراسة، لكن ذلك لم يقف في طريقي".

جاء الدعم في الوقت المناسب من حكومة المقاطعة وإدارة خدمات اللاجئين في كينيا، حيث تم تخصيص ثلاثة مراكز لجمع المواد البلاستيكية لباسيمي رافائيل لإدارتها في مخيم كاكوما للاجئين، وواحد في مخيم كالوبي المجاور.

"لقد كانت رحلة طويلة ومليئة بالتحديات لتدريب المتطوعين على إعادة التدوير، وإنشاء الهياكل، والعثور على بائع لمسحوق البلاستيك"، هكذا يصف باسيمي رحلة الكفاح والنجاح في تحويل النفايات لمصدر للثروة.

وقد ساعدت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وشركاء آخرون رافائيل باسيمي في إنشاء متجر في مركز حضانة كاكوما – وهي مبادرة للتنمية الاقتصادية تمولها المفوضية وتدعم الشركات الناشئة، حيث يبيع هناك منتوجات مصنوعة من البلاستيك المعاد تدويره، مثل الملاقط والأزرار والمساطر والأطباق والأكواب.

وعندما وقعت حكومة كينيا على قانون اللاجئين في نوفمبر 2021، والذي اشتمل على سياسات جديدة مهمة بشأن الاندماج والتكامل الاقتصادي للاجئين، تمكن باسيمي من التعرف على الشركات الكبرى والتي باتت تجمع البلاستيك منه لإعادة تدويره.

 

 

في السنوات الثلاث الماضية، تمكن رافائيل من توفير أكثر من 500 فرصة عمل للاجئين والمجتمع المحلي، مما سمح لهم بكسب الدخل وإعالة أسرهم، كما وسّع عملياته لتشمل إدارة النفايات الصلبة، والتعامل مع جميع أنواع النفايات، بما في ذلك العظام والزجاج والمعادن والنفايات العضوية.

وحين ينظر باسيمي البدايات الصعبة وما وصل إليه من نجاح يضحك قائلاً: "يعرفني الناس باسم رافائيل بلاستيك أو الرجل البلاستيكي.. وعندما أرى المتطوعين وهم يجلبون البلاستيك الذي جمعوه، أرى مجتمعاً يتحد من أجل قضية أكبر".

على الرغم من الصعوبات القائمة كونه لاجئ من رواد الأعمال، كعدم قدرته على التمتع بالخدمات المالية، لا يزال رافائيل متفائلاً بشأن مستقبل عمله وقدرته على المساعدة في إنشاء اقتصاد دائري في كاكوما ومخيم كالوبيي.

وينبع جزء من دافعه من تخيل العواقب المترتبة على البيئة لو لم يكن هناك إعادة تدوير للبلاستيك. يقول: "لا أستطيع الجلوس وتخيل عالم مثل هذا".